المراجعة استندت إلى مخالفات وتزوير وعبث بصناديق الاقتراع
 

قبل يومين من نفاد مهلة تقديم الطعون بنتائج الانتخابات اللبنانية، اندفع المرشحون الخاسرون إلى مقرّ المجلس الدستوري لتقديم طعونهم، والمطالبة بإبطال نتائج الانتخابات في هذه الدائرة أو تلك، أو إبطال عضوية نواب فائزين وفتح الباب أمام إعادة انتخاب مرشحين مكانهم، بالاستناد إلى ما اعتبروه «مخالفات وتجاوزات اعترت العملية الانتخابية وتسببت بخسارتهم».
وتقدّم يوم أمس 21 مرشحاً خاسراً في الانتخابات النيابية في دائرة بيروت الثانية، بمراجعة واحدة أمام المجلس الدستوري بواسطة وكيلهم القانوني المحامي سعيد مالك، الذي استند إلى ما سماها «الشوائب التي رافقت العملية». وأوضح أن «الهدف من الطعن إظهار عدم صدقية الانتخابات وإبطالها وإعادة إجرائها بنزاهة»، مشيراً إلى أن المراجعة التي تقدم بها «قبلت شكلا من قبل المجلس الدستوري».
لكنّ قبول الطعن شكلاً لا يعطي قوّة معنوية للمراجعة ما لم تكن معززة بالأدلة والقرائن، حيث اعتبر عضو المجلس الدستوري القاضي طارق زيادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «مجرد تقديم الطعن ضمن المهلة الدستورية، أي خلال مهلة شهر من تاريخ انتهاء العملية الانتخابية، يكون مقبولاً بالشكل، أما قبوله بالأساس فيعود إلى نتائج التحقيقات والمداولات التي يجريها المجلس الدستوري». وأكد أنه «مع انتهاء مهلة تقديم الطعون يوم الأربعاء (غداً)، يعقد المجلس جلسة يعيّن فيها مقرراً (من أحد أعضائه) لكل ملف، ومن ثمّ تبدأ المهلة القانونية للبت بالطعون». وقال القاضي زيادة إن المقرر «لديه صلاحية مماثلة لصلاحية قاضي التحقيق، إذ يستطيع أن يستجوب فرقاء الدعوى والشهود ويطلب الوثائق والمستندات والأوراق اللازمة من المرشحين ومن الدوائر الرسمية، ليكون تقريره معززاً بالأدلة».
يذكر أن المجلس الدستوري اللبناني أنشئ في عام 1994، وأنيطت به مهام مراقبة دستورية القوانين وإبطال أي قانون يتعارض مع الدستور، بالإضافة إلى النظر بطعون الانتخابات، وقد سجّل سوابق عدّة، إذ أبطل عضوية عدد من النواب في انتخابات 1996 و2000، مرتكزاً بذلك إلى ضغوط مورست على الناخبين سواء من الوصاية السورية أو من نافذين في الأجهزة الأمنية، رجّحت حظوظ المطعون بنيابتهم على منافسيهم، ما أدى إلى إعادة الانتخابات عن تلك المقاعد في شمال لبنان والبقاع وجبل لبنان.
ويطمح مقدمو الطعون الجديدة إلى قرارات تبطل عضوية بعض النواب وتمنحهم فرصة خوض انتخابات فرعية على بعض المقاعد أو على صعيد الدائرة ككل، وأعلن المحامي سعيد مالك في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مراجعة الطعون التي تقدّم بها «استندت إلى مخالفات وتجاوزات شابت العملية الانتخابية، وأثرت سلباً على سير الانتخابات وانعكست على النتائج»، مؤكداً أن «الملف بات في عهدة المجلس الدستوري، وهو ملف قانوني متكامل يضم كافة الوثائق والمستندات الموثقة بالصوت والصورة، ويبقى القرار ملك المجلس الدستوري».
وتوقّع مالك ألّا يعقد المجلس اجتماعاً لإطلاق المهل القانونية للبت بالطعون، قبل نفاد مهلة تقديم الطعون التي تنتهي غداً في السادس من يونيو (حزيران) الحالي، أي بعد شهر على انتهاء الانتخابات. وأوضح أن المراجعة التي تقدم بها «تشكّل سابقة بتاريخ المجلس الدستوري، لأنها المرة الأولى التي يتقدّم بها مجموعة من المرشحين (21) طعناً بمراجعة واحدة، لأن الطعون تقدّم بشكل افرادي».
وتتعدد الأسباب الموجبة لإبطال الانتخابات على حدّ تعبير القاضي خالد حمود أحد مقدمي الطعون، الذي كشف لـ«الشرق الأوسط»، أن «أبرز الأدلة التي استندت إليها الطعون، مبنية على التزوير الفاضح في انتخابات بيروت». أكد حمود الذي كان يرأس «لائحة كرامة بيروت» التي لم تفز بأي مقعد نيابي، أن «أخطاء مميتة شابت العملية الانتخابية»، مشيراً إلى أن «التزوير واضح جداً بحيث أن مرشحين وعائلاتهم اقترعوا لأنفسهم في صناديق عدّة، وخلال عملية الفرز لم يكن لهم أي صوت»، مشيراً إلى أن التزوير «يبرز أيضاً بوصول صناديق إلى لجان القيد غير مختومة بالشمع الأحمر، لا بل كانت مفتوحة وتم العبث بها وجرى تبديلها». وقال: «الفضيحة الأكبر أن المندوبين المعينين من قبل المرشحين لديهم تراخيص من وزارة الداخلية، لكنهم منعوا من دخول أقلام الاقتراع ومراقبة عملية الانتخاب، وتعرضوا لضغوط من قبل القوى الأمنية»، معتبراً أن «الجهات الرسمية المشرفة على الانتخابات (وزارة الداخلية) هي التي مارست الضغوط وطلبت من القوى الأمنية منع المندوبين من الدخول وممارسة دورهم الرقابي».