مهمة الحريري في تشكيل الحكومة أشبه بالمشي في حقلٍ مليء بالألغام
 

 

على عكس ما كان يتوقّع كثر من سهولة مرور إستحقاق تشكيل الحكومة ، كان العدد ١١١ وهم النواب الذين صوّتوا لصالح الرئيس سعد الحريري في الإستشارات النيابية لتكليفه تشكيل الحكومة ، عبئاً عليه ، كونهم يُمثّلون الأكثرية الساحقة من الكتل النيابية .

فمهمة الحريري اليوم هي إيجاد صيغة تُرضي كل هؤلاء وتجمعهم في حكومة واحدة ، وهو تحدّي كبير قد يجعل من تشكيل الحكومة أمراً صعباً قبل عيد الفطر .

لكن هذه العراقيل ليست بين الحريري وهؤلاء فقط ، فالبعض منها هي نتاج خلافات على التمثيل داخل الطوائف اللبنانية ، بحيث أن بعض الطوائف لم تتفق بعد على تسوية خلافاتها وتحديد من يُمثّلها وزارياً.

ولعلّ المشكلة الدرزية هي الأبرز بين هذه العراقيل ، حيث أن هناك صراع قوي بين الحزب التقدمي الإشتراكي الذي حصل على كل المقاعد الدرزية بإستثناء مقعدين ، واحد تركه لحليفه الرئيس نبيه بري والثاني سمح للوزير طلال أرسلان أن يشغله ، وبين الحزب الديمقراطي الذي لم يستطع الفوز بأي مقعد درزي بأصوات درزية ، بل يتغنّى بكتلة المصالحة التي ساهم الوزير جبران باسيل في إعطائه إياها .

ويرفض جنبلاط إعطاء أي مقعد وزاري درزي لأرسلان إلاّ إذا كان مقابله مقعد مسيحي ، فيما يُصّر الأخير على التوزير .

بالمقابل ، هناك مشكلة مسيحية بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية ، فالتيار يريد حصّة كبيرة منفصلة عن حصّة رئيس الجمهورية فيما تُطالب القوات بحصّة مثيلة بالعدد كحصّة التيار ، بعد نتائج الإنتخابات النيابية التي أبرزت القوات كرقم صعب في المعادلة الداخلية .

 

إقرأ أيضا : بري: لحكومة قبل العيد

 

 

ولم يتضح بعد كيف سيُرضي الحريري خصومه السنة ، الذين حصلوا على ١٠ نواب من خارج تكتله ، وإن كان معظمهم قد صوّتوا لصالحه في الإستشارات النيابية .

لكن مشكلة هؤلاء ليست مع الحريري فقط ، فهم في الأساس غير منسجمون مع بعضهم البعض، ولم يتفقوا حتى الآن على الوزير الذي سيُمثّلهم ، وبالتالي فإن حجم الإشكالات بينهم يفوق حجم الإشكالات بينهم وبين الحريري ، وعليهم أن يتفقوا فيما بينهم بالبداية وإلاّ فإن الحريري سيخرج منتصراً في المعركة معهم بكل سهولة .

وبرزت مشكلة إضافية في الأسبوع الماضي وهي مشكلة حصة الرئيس ميشال عون ، والتي يُريدها من خارج حصة تكتّل " لبنان القوي " ، ما جعل الحريري يُطالب بمثلها .

وإذا ما تم الإتفاق بين عون والحريري على هكذا حصّة ، فإن بري لن يبقى صامتاً وسيُطالب بحصّة هو الآخر على قاعدة " عالسكين يا بطيخ ".

أما توزيع الحقائب السيادية والأساسية فهو مرتبط بمدى إيجاد حلول لمشكلة حصص الرؤساء في الحكومة وعلى هذا الأساس سيتم توزيعها .

وفي فوضى المطالب هذه والإشكالات ، تبدو الثنائية الشيعية هي الوحيدة التي إتفقت باكراً على كيفية توزيع الوزارات بينها من دون أي إشكال يُلحظ.

لذلك ، فإن مهمة الحريري في تشكيل الحكومة أشبه بالمشي في حقلٍ مليء بالألغام ، وهذا الحقل لا يقتصر فقط على الحقائب والحصص بل ربما سيرتبط أيضاً بالبيان الوزاري القادم أيضاً.