مشكلة إيران الحقيقية في سوريا هي مع الروسي وليست مع أي أحد آخر
 

 

بالرغم من النفي المتكرر على لسان الإعلام الإيراني مرة أو وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، الا أن التأكيد الروسي بأن إتفاق قد أُبرم في الأردن بين الأطراف المعنية وفي مقدمتهم الروسي والأميركي يفضي بانسحاب القوات الإيرانية وتوابعها من الجنوب السوري وبموافقة ايرانية ! 

فقد انتقل الحديث سريعا من الرد الايراني المتوقع على الاعتداءات الصهيونية المتكررة على مواقع الحرس الثوري المتواجدة في سوريا، وما رافق ذلك من " عنتريات " ايرانية شبه يومية عن مسح تل أبيب من على وجه الأرض  إن هي كررت حماقة استهداف مطار التيفور! صار الحديث الآن هو عن شروط الإنسحاب من الجنوب السوري! وما هو المقابل المطروح في سبيل ذلك ؟!

الملفت في هذا السياق هو ما يطرح عن إنسحاب للقوات الاميركية من قاعدة التنف كثمن مرتقب لتنفيذ الإنسحاب الإيراني كمحاولة إعلامية من وسائل إعلام الممانعة للقول مرة جديدة بأن الانسحاب المفروض لم يحصل بدون ثمن يدفعه الطرف الآخر.

إن شرط تفكيك قاعدة التنف وانسحاب القوات الأميركية من سوريا لا يعدو أكثر من محاولة إيرانية للتخفيف من وقع القرار الدولي الضاغط على النظام الإيراني، وكتسجيل نقطة قد تتحول في القادم من الأيام الى ما يشبه " انتصار الهي " جديد يخفي بغباره وقع كأس السم الذي بات على شفاه النظام الايراني ولا  يجد بدا من تجرعه كما هو يبدو .

 

إقرأ أيضا : إيران وميليشياتها تُجبر على الإنسحاب من جنوب سوريا

 

 

بالخصوص إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ان الرئيس الاميركي كان قد أعلن منذ فترة ليست بقصيرة عن قرار سحب قواته من سوريا، وعليه يكون المطالبة بهذا الانسحاب الآن  هو من  باب لزوم ما لا يلزم، ولا يمكن اعتباره في سياق الشروط الإيرانية  الغارقة بأزماتها الداخلية من جهة وبالاخفاقات على أكثر من ساحة ليس آخرها ما أعلنه الحوثيون بالأمس من موافقة على الإنسحاب من ميناء الحديدة وتسليمه للأمم المتحدة، وما لهذا الإعلان من تبعات، يضاف إليها نتائج الإنتخابات العراقية الأخيرة وخسارة الجهات الإيرانية فيها .

فكل هذه المعطيات وغيرها لا تجعل من الإيراني بمكان  يمكن له فرض شروطه، بل تجعل منه الحلقة الأضعف في كل مجريات التطورات الأخيرة بالمنطقة.

يضاف إلى كل ذلك، التحول الاستراتيجي في السياسة الروسية والدور المنوط بها إسرائيليا على الجغرافية السورية وهذا ما ظهر جليا في ما أوردته الصحيفة الايرانية " قانون " بالأمس بهجومها على الرئيس الروسي بوتن ووصفه ب " المحتال " الذي باع إيران لإسرائيل، مما يدل بشكل واضح ان مشكلة إيران الحقيقية في سوريا هي مع الروسي وليست مع  أي أحد آخر .

أمام  كل هذه المعطيات نستطيع القول بكل وضوح أن الإيراني أمام خيارين لا ثالث لهما في سوريا فإما الإنسحاب وإما الإنسحاب .