ظاهرة تستدعي التوقف عندها، معجبات ومعجبو النجم تيم حسن في شخصية جبل شيخ الجبل، الرجل القبضاي الخارج تواً من الجرود. في التفاتة أبعد من تناول العمل بكليته، أكثر ما يعنيني هو الأثر الذي يتخاتل على مشاعر المتلقّين على امتداد عام وجزءين.

إذاً، بدأت الصبايا نسج خيوط الحلم حول الرجل الشهم الذي نجح في ثنائية القوة والرومانسية، كما نجح في الإقامة الدائمة بين شغاف القلوب، فأضحى رمزاً لكل جميل في الرجل.. رجل الآن أصبح حمّال أوجه.

تفتقد أنثى الراهن إلى نموذج الرجولة الكلاسيكية بمعناها الأسمى. منظومة متكاملة من الأمان الراكن إلى قوة الشخصية وبهاء الطلة ودفء القلب، وكلها في وعاء من السطوة الذكورية التي، وعذراً من النسوية، تميل إليها المرأة على اختلاف النظرة إلى الرجل وفلسفة العلاقة معه وبداهة الحاجة إليه.

والواقع قبيح. نسخ مكررة من التفاهة، ورجال تخلت عن أدوارها لصالح الخفّة. علاقات السوشيال ميديا أقرب إلى الوجبات السريعة، متعة اللحظة وأثمان من الخيبة. هذه أدوات العصر الذي أصاب هيبة الرجل ومعه الكثير من مفاصل الحياة.

ثم جاء "جبل" يملأ الفراغ الذي خلّفه الرجل "اللايت"، وفي الأمر شيء من المنطق. تماهى الممثل تيم حسن مع الشخصية الآسرة، وكانت النتيجة أكثر من ناجحة. وفي وعينا، نعلم يقيناً أن ما نراه خلف الشاشة هو مساحة للخيال، ولكننا نتفاعل معه بلاوعي، كما نبكي حزناً على وفاة بطل الفيلم ونحن ندرك أنه مجرد تمثيل.

في المشهد عينه، شباب بزيٍّ واحد ورؤوس زينوها على خلفية النموذج القوي. حليقو الرأس أرخوا اللحى بجسارة من أراد الإيحاء إلى الناظر أنه يتمتع بالهيبة عينها. وجوه تتكرر في الشارع والمقهى والمصرف والمستشفى، وفي محالّ الباعة ودكان الحي وسوق الخضار ومحطة الوقود. ما أحلى النموذج المحتذى، لكن إن هبطنا قليلاً إلى اللباس، ستحلّ الخيبة مكان الهيبة، سراويل ممزقة متدلية، كأن مرتديها يهتم إلى خلفيته الرجعية أكثر من اتساع الفكر ونموّ الوعي. لم يفلح الشباب في رسم الصورة على مقياس المعنى، تلقفوا كل قبيح ولم يغربلوه، ونبذوا الأصيل في المعنى وضاعوا بين الرأس المسيطر والجسد المترنّح.

مشهدان في حكاية واحدة.