تحولت الحصّة الوزارية لرئيس الجمهورية ميشال عون الى مادة سجالية، بين مؤيد لها يعتبرها خط أحمر وأنها ليست قابلة للنقاش كونها مسألة ميثاقية ودستورية معترف بها في إتفاق الطائف تعويضا له عن صلاحياته التي إنتزعت منه، وبين معارض لها يراها أمرا طارئا على الدستور، معتمدا في ذلك على مواقف الرئيس عون نفسه عندما رفض إعطاء حصة وزارية للرئيس ميشال سليمان في العام 2012.

لا شك في أن هذا السجال من شأنه أن يضاعف من العصي الموضوعة في قطار التأليف الحكومي، خصوصا أن الهجمة العونية للدفاع عن حصة رئيس الجمهورية بنفس طائفي، دفع الرئيس المكلف الى المطالبة بحصة مماثلة له، فضلا عن مطالبات بأن يكون لرئيس مجلس النواب حصة أيضا، بمعزل عن تياره السياسي، الأمر الذي قد يجعل الحكومة عمليا مقسمة بين الرؤساء الثلاثة.

في غضون ذلك يستمر إرتفاع حدة السجال بين القوات اللبنانية الساعية الى تمثيل حكومي يوازي حجمها النيابي الجديد بدعم سعودي واضح، وبين رئيس “تيار لبنان” القوي جبران باسيل الذي يسعى الى تحجيمها حكوميا، مع تمنيات ضمنية له بدفع القوات نحو المعارضة بما يخلي الساحة المسيحية لتياره، لكن تمنيات باسيل يبدو أنها لن تجد طريقها نحو التحقيق، في ظل إصرار القوات على الدخول الى الحكومة مهما كانت الظروف والمعطيات ولجوئها الى رئيس الجمهورية ميشال عون ومحاولة إحراجه بتفاهم معراب الذي عبّد أمامه الطريق للوصول الى قصر بعبدا، الأمر الذي يضع عون أمام خيارين فإما أن يدعم صهره وتياره، أو أن يساند القوات ويدعمها للحصول على حصتها كاملة بتخليه عن جزء من حصته.

لكن السؤال المطروح اليوم، هل بات حصول رئيس الجمهورية على حصته في ظل السجال المحتدم والذي أدى الى تحويل هذه القضية الى مادة خلافية وطائفية أمرا طبيعيا؟، وكيف سيكون موقف الرئيس المكلف الذي ربما يعود من السعودية بتوجه جديد يقضي بدعم القوات اللبنانية ومعها حزب الكتائب، ما يضطره الى مواجهة باسيل أو على الأقل عدم تلبية رغباته التي بدأت تثير حفيظة كل التيارات السياسية؟.

كذلك فإن الرئيس الحريري سيكون بعد عودته من السعودية أمام إمتحان الحفاظ على صلاحياته وهيبة الموقع السني الأول الذي يمثله، ومواجهة من يسعى الى فرض رأيه عليه أو التفرد بتسمية وزرائه، خصوصا أن الحريري يخضع لرقابة سنية دقيقة فيما يخص الصلاحيات وهيبة حضور رئاسة الحكومة، لا سيما من قبل الرئيس نجيب ميقاتي الذي قام بتسليف الحريري مواقف إيجابية عدة بهدف تسهيل مهمته كرئيس مكلف تشكيل الحكومة، وهو أي ميقاتي يتابع ويراقب عن كثب ويستعد لمواجهة كل من يستهدف موقع رئاسة الحكومة.

يقول مطلعون: إن رئيس الجمهورية أطلق على نفسه إسم “بيّ الكل” وهو بالتالي ليس بحاجة الى أن يكون لديه حصة وزارية في الحكومة، لأنه من المفترض أن يكون كل الوزراء محسوبين عليه ومن حصته، فهو من يترأس جلسات الحكومة وهو حامي الدستور وصمام أمان البلد، وبالتالي فإن على الرئيس أن يسعى جاهدا الى تدوير الزوايا، وتقريب وجهات النظر بين كل الأفرقاء بما يساهم في أن تبصر الحكومة النور في أقرب وقت ممكن، لا أن يكون طرفا سياسيا لديه وزراء أو أن يحاول البعض أن يجعله في محور ضد آخر، علما أن رئيس الجمهورية هو أكبر المتضررين من عدم تشكيل الحكومة، لأن ذلك يؤدي الى تأخير إنطلاق عهده.