ما يجري على الرئاسة الأولى يجري على الرئاستين ولا إمكانية لغير ذلك فحق الأول اذا كان حقاً من حق الثاني والثالث
 

إذا فُتح سوق الحصص الوزارية فلا غالق له طالما أنه طلب يلبي ضرورة الرئاسة و شأنية الرئيس وهذا ما يصبح حقاً مكتسباً للرئاسات الثلاثة ولن يكون حكراً على رئاسة دون أخرى ما دامت الرئاسات مصنفة طائفياً وأي رئيس هو رئيس جهة سياسية ومُمثل لطائفة كريمة من طوائف لبنان المتعددة.


شهية التيّار الحرّ المفتوحة على كل شيء والشرهة جداً تمسكاً منه بمنطق القوّة الممنوحة وليست المكتسبة اذ أن الوصول الى السلطة مرّ بواسطة طوائف أخرى مما يعني أن القوّة في مكان آخر ولا يُخفى على أحد أن القوّة في لبنان محصورة بيد الرئيس نبيه بري وقد جرّبت أحزاب اليمين وأحزاب اليسار من الأقربين الى الأبعدين حروباً مع حركة أمل وتبيّن صعوبة الصمود أمام "أمل" قبل الطائف وبعد الطائف ولم يفلح أحد في ليّ ذراع الأستاذ القادرة على النيل من المتربصين به والتجربة اللبنانية شاهدة على ذلك ولا ضرورة لضرب الأمثلة فالمشهد مازال حيّاً ولم يمت وهو يشمل الجميع دون استثناء ممن هم في صفوف الممانعة أم من هم في صفوف السيادة أو ممن هم في الوسط أو من جماعة الوقوف على التلال.

إقرأ أيضًا: حكومة باسيل لا حكومة الحريري


قالها الرئيس بري بدعة هي الحصة التي يسوّق لها "التيارون" والتي يحاول هضمها الرئيس الحريري باعتبارها حصّة متفاهم عليها ما بين رئاسته ورئاسة الجمهورية وباعتبارها ضامنة للتحالف القائم ما بين التيّارين الحرّ والمستقبل وهذا ما يؤدي الى زيادة القوّة داخل الحكومة لصالح التيارين.


هناك سعي حثيث لتشكيل حكومة ضامنة لقوّة التيارين على حساب ما أفرزته الانتخابات النيابية من نتائج عدّدت من مستويات التمثيل الماروني والسني وعلى حساب نفوذ الرئيس بري كونه يمسك وحده بالنفوذ الشيعي إضافة الى طغيان حضوره على الجميع كونه ضمانة تبدأ من عين التينة وتمرّ بعواصم عربية وإقليمية وتصل الى مراكز القوى الدولية في أوروبا وأميركا في حين أن غيره يعوّض بأي بديل ممكن كونه لا يختزن ما يختزن بري من مخزون فائض وعلى المستويات كافة.


تبدأ مشكلة الحرّ بالقوّات التي فازت على حساب التيّار وهي تريد حصّة وزارية مناسبة مقتطعة من حصّة الحرّ في حين أن مشكلة التيّار مستمرة مع حركة أمل والذي لا يرى حرجاً في أخذ ما بيدي بري من وزارة تعطي الطائفة التي يمثلها بُعداً في التمثيل السلطوي ويستند التيّار الى خصوصية علاقته مع "حزب الله" و التي تُسهل له ما يفعل ويستغل التيّار ظروف الحزب الصعبة ليضغط أكثر طمعاً في احتكار السلطة كون بعض المتوهمين من قرّاء التحليل السياسي داخل قيادة الحزب يفلسفون حاجتهم للتيار كغطاء لبناني ومسيحي يحتاجه الحزب في محاصرة الغرب له.

إقرأ أيضًا: شكرًا نصرالله


حتى الآن لم تدرك القوّات ضرورة اللعب خارج الملعب الماروني وعدم الإعتماد على الشارع المسيحي فقط دون غيره وهي قد أخطأت سياسياً عندما غابت عن التصويت للرئيس بري لأن مساحة القوّة القواتية وخاصة النيابية المستجدة تدفع بها إلى ملاقاة بري وسط المجلس النيابي لضمان دورها في ظل تحالفات تريد أن تأكل لا من حصّة القوّات فقط بل من دورها لهذا كان من المتوقع أن يكمل الحكيم حكمته في قيادة العمل الانتخابي النيابي بالتعاطي الإيجابي مع بري لأن في ذلك قوّة للقوّات في مواجهة التيّار الحرّ ودون تحالفات من هذا النوع ستغرق القوّات في مستنقعها الصغير وهذا ما يريده خصوم القوّات.


في العودة الى منطق الحصّة الرئاسية ثمّة منطق شبيه يدعو الى حصّة مماثلة لدولة رئيس المجلس النيابي لنفس الاعتبارات ولنفس الخصوصيات ولا مجال للخوض في ضرورة هنا وعدم الضرورة هناك فما يجري على الرئاسة الأولى يجري على الرئاستين ولا إمكانية لغير ذلك فحق الأول اذا كان حقاً من حق الثاني و الثالث.