حالة من القلق والخوف يعيشها أهالي بلدة جرنايا في قضاء جزين، بعدما أوقفت القوى الأمنية سائق باص يدعى ج.ح. (46 عاماً) من البلدة، متهم بالتحرش بفتيات يوصلهن إلى مدارسهن المجاورة للبلدة.

ففي التفاصيل، تمكنت الفتاة أ.أ. من الفرار من منزل المتهم بعدما استدرجها طالباً منها المجيء عند زوجته لأخذ الحقيبة التي نسيتها في الباص. وعندما وصلت الفتاة إلى المنزل لم تكن الزوجة موجودة، وبدأ السائق التحرش اللفظي بالفتاة، عبر إطلاق الشتائم وعبارات نابية تشرح عملية المجامعة، محاولاً لمسها. 

الفتاة، التي تبلغ من العمر 14 عاماً، استطاعت بفضل قوتها الفرار من بين يديه، وتمكنت من الهرب من أحد الأبواب المفتوحة. وسارعت لإبلاغ أهلها، وقام والدها برفع دعوى قضائية بحق السائق في مخفر جباع، وتم توقيفه بعد الحادثة بيومين. ويؤكد والد الفتاة أنه لن يترك الموضوع قبل نيل السائق عقوبته الكاملة، مشيراً في حديث إلى "المدن" إلى أن عامل الثقة الذي بناه مع أولاده، سيجعل ابنته تتخطى الحادثة وآثارها النفسية، بسبب الدعم المحاطة به، "وسأعمل من أجل كل فتاة حاول التحرش بها". 

ويقول مصدر أمني لـ"المدن" إن الموقوف أنكر في التحقيقات الأولية كل التهم التي نُسبت إليه، واصفاً ما يقال بـ"الشائعات" و"الافتراءات". ولم تتم مواجهة المتحرش بالفتاة أو أهلها بسبب وضعهم النفسي.

هذه الحادثة، كانت فاتحة لاعتراف أهل آخرين في البلدة بتعرض بناتهم للتحرش على يد الشخص نفسه لمدة أربعة أشهر. لكن خوف الأهل من "الفضيحة" دفعهم إلى التستر على الموضوع. ومع إنتشار الخبر في البلدة سارعوا لرفع شكوى ثانية ضد الموقوف، معبرين عن ندمهم للسكوت طوال الفترة الماضية. ويتناقل أهالي جرنايا أن هناك فتيات أخريات تعرضن للتحرش من قبل السائق. فهل سيُكشف الستار في الأيام المقبلة عن ضحايا جدد؟

من المؤكد أن هذه الحادثة قد تتكرر، فكيف يمكن للأهالي توعية أطفالهم بشأن قضايا التحرش من إطار نفسي؟ يلفت الدكتور طوني صوما، وهو معالج نفسي وأستاذ جامعي، إلى أن هناك عوامل كثيرة على الأهل الانتباه إليها في حال لم يخبرهم الطفل بأي حادثة قد تحصل معه. فعندما تظهر على الطفل علامات الخوف والانطوائية، أو حركة زائدة، أو يبدأ تلمس أعضائه التناسلية، ويتعرض لتبول لا إرادي في الليل ومشاكل في النوم، أو الخوف من الذهاب إلى مكان معين، فهذه مؤشرات تدل على أن أمراً ما قد حصل له، وعليهم متابعة الأمر مع اختصاصي نفسي. 

ويلخص صوما طرق التوعية التي يجب على الأهل اتباعها في 5 نقاط:

- توعية الأطفال على قضايا التحرش والاعتداء الجنسي يجب أن تبدأ من عمر العامين، من خلال حديث الأهل عن الجسم واعتباره ملكاً خاصاً لا يحق لأحد الاقتراب منه.

- على الأهل بناء عامل ثقة ومصارحة مع الأطفال، والطلب منهم الحديث دائماً عن مشاكل قد يتعرضون لها في المدرسة أو الشارع. إذ يعمد المتحرش إلى إيهام الطفل أن ما حصل يجب أن يبقى سراً بينه وبين الطفل.

- على الأهل عدم لوم الأطفال جراء هذه الحادثة، وعدم طرح أسئلة متكررة عنها. 

- تفادي تعريض الطفل للتحقيقات أمام عدد كبير من عناصر الشرطة. فالحادثة تخلق شعوراً بعقدة الذنب لدى الأطفال.

- المتابعة ضرورية مع الاختصاصي النفسي، حتى لو بدت علامات الارتياح على الطفل. فذاكرة الطفل ستخزن كل ما تعرض له، وقد يتصرف بعدائية عندما يكبر في حال اقترب منه أي شخص، أو لدى اتخاذ الضحية قراراً بالارتباط.