هل المحاصصة الوزارية المفتوحة على توزير لا محلّ له من الإعراب صحيحة وصحيّة وغير مريضة ومتعافية من سرطانات الفساد؟
 

محظوظة الطبقة السياسية في لبنان لأن جماهيرها الغفيرة تبرر لها كل ما تسلبه من الناس من نعاس وآمال وتبرر لها رغدها ورغد أولاد أولادها وتراكم ثرواتها وفشلها في الخدمات العامة و تبرر لها تعاطيها مع الدولة كما يتعاطى الرجل الشرقي مع زوجته وهي تصحو كيّ ينام الزعيم وتموت كيّ يحيا القائد وتعرى وتجوع ويأكلها ذباب الفقر كي يلبس السياسي الفذّ جودة الصناعة الغربية وكي يرتدي رجال الدين مسوح الأنبياء من الكذبة.
كل شيء مبرر لسلطة الزعماء وأرباب القوّة كل ما يقومون به مبارك وهو حبل متين من الله والناس وكل حركة أو كلمة من القائد اللبناني والذي تتسع حاشيته لمئات الألوف من الناس هي مقدسة و منزّلة ولا إمكانية للتفكير بها، وتحولها الجماهير الى سيف مسلط على الرؤوس وتقطع به الألسن التي تلوك وصايا السياسيين الكبار والصغار من أهل السلطتين الدينية والسياسية.

إقرأ أيضًا: لبنان بين إفطارين سعودي وقطري فمتى الإيراني؟

لو لم يخطب عن الفساد لبقي خارجه ولم يدخل الحزب في أنفاقه المظلمة ولكن تسرّع الألسن تورط في مواقف ومسؤوليات لا إمكانية فيها لفعل ما يجب فعله لدرء الأهوال و الأخطار والعبث بالوطن والمواطن خاصة وأن الفساد ليس محصوراً في شخص أو في جهة ولا هو محدّد في عمل من الأعمال فكل ما يعطل البلد ويقف حائلاً بوجه الأمن والاستقرار والسيادة هو أفسد من فساد المال العام ولكل فريق سياسي نبذته الخاصة عن الفساد فهناك من يتكلم عن الفساد المالي وآخر عن الفساد الإداري وهناك من يتكلم عن الفساد السياسي و الديني وعن فساد القوّة في السلاح والارتهان للخارج دون التعلّق بحسابات الداخل وعن الفساد في الأمن والاغتيال والتخريب لصالح ما يجري في المنطقة من صراعات إقليمية تحدّد دور الصغار في لعبة الكبار.
تحمس كثيراً أخذته حمية النخوة في أن لا يقار على كظة ظالم وسغب مظلوم وقرّر أن يقف بوجه الظالم وأن ينتصر للمظلوم فكان أوّل الغيث توضيب بضاعة نيابية غير صالحة للعمل وخاصة المواد الدخيلة على الصناعة المحلية ووقوفه الى جانب الجهات المتهمة بالفساد وخاصة اولئك الذين مروا ومازالت بصماتهم عالقة على المؤسسات العامة زمن الوصاية السورية ولم يقف الى جانب المجتمع المدني ولم يتقدم بخطوة نيابية تجاه القوى التي شاركته أعمال المقاومة فطرد الحزب الشيوعي لصالح أحزاب لم ترشق حجراً ضدّ العدو ورفض التعدّد داخل البنية الشيعية وحارب أي تحرّر من قيود الطائفة وهذا نوع من الفساد لأنه مصادرة، (وهنا أشير الى من هم تحت سقف الثنائي الشيعي).

إقرأ أيضًا: الحزب يمدّ يده على جيب بري


إن مقياس الالتزام بمعايير الشفافية الوطنية هو الحدّ من الإسرافين والفسادين السياسي والمالي وهنا لن نتحدث عن معايير أخرى أكثر شفافية ووطنية من هذين الفسادين الذين يتحكمان بكل شيء نتيجة السلطة الممنوحة لكل جهة سياسية بموجب السلطة نفسها وبموجب الشرعية التي تتمتع بها وخاصة شرعية الجماهير المستعدة للموت كيّ يبقى بطلها على قيد الحياة، وهل المحاصصة القائمة غير فاسدة؟ وهذا التوزيع القائم للمؤسسات فاسد أم غير فاسد؟ وهل ما يتمتع به السادة النوّاب من امتيازات مالية بوجه الخصوص هي صالحة وغير فاسدة؟ وهل تقاسم مغانم السلطة صحة سليمة وصحيحة ولا تشوبها شائبة؟
وهل المحاصصة الوزارية المفتوحة على توزير لا محلّ له من الإعراب صحيحة وصحيّة وغير مريضة و متعافية من سرطانات الفساد؟ وهل اقتطاع جُبن الحكومة أكل كريم ومبارك؟ وهل توسعة الحكومة لزيادة في الهدر للمال العام درء للفساد؟ وهل قبولكم بوزارت غير منتجة ولا مكان لها في بنية العمل الحكومي سوا أنها تؤمّن راتباً كبيراً لزبون سياسي جديد أو قديم هو بداية العمل على مواجهة الفساد الذي كفرتموه في أكثر من خطبة من خطب الاعتصام بنوّاب الشهادة والشهداء؟
أسئلة كثيرة لها أكثر من إجابة مؤكدة للفساد الملعون ولكنه صنم عكف اللبنانيون على عبادته منذ زمن.