ثلاثة شبان مثلوا أمام المحكمة العسكرية بتهمة التواصل مع العدو الإسرائيلي وتزويد عملائه عن مواقع لحزب الله وأسلحته ونشاطه، ثلاثة شبان انتسب إثنان منهم إلى (حزب الله) في فترات سابقة وخضعا لدورات عسكرية، أما الثالث «من خطّ 8 آذار» والذي يدور في فلك رفيقيه، فهو عبّر عن«حبّه الشديد للحزب»، ودوّن على دفتر صغير يوم اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري عبارة: «هو يوم النصر والتحرير».

وإذا كان المتهمون الثلاثة عباس س. وأكرم إ. وكمال ح. قد نسفوا اعترافاتهم الأولية حول تهمة التعامل أثناء استجوابهم أمام المحكمة العسكرية، فإن الأخير أكد على تلك العبارة يوم 14 شباط 2014 واعترف بكتابتها في ذلك اليوم المشؤوم «لأنني شعرت ان خطّنا (خط 8 آذار) قد انتصر»، ما استدعى بممثل النيابة العامة القاضي هاني حلمي الحجار - الذي انتظر انتهاء استجواب المحكمة للمتهم - إلى التعليق على ما ذكره كمال ح. متوجهاً إلى الأخير بالقول: «ليتك كنت تملك حدّاً أدنى من الوطنية وإنما حقدك أوصلك الى ما أنت فيه الآن وهو اتهامك بالعمالة».

تمحور استجواب المتهمين الثلاثة أمام المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن حسين عبدالله، حول اعترافاتهم الأولية لدى الأمن العام بعد إلقاء القبض عليهم في تشرين الأول من العام الماضي. وفي خلاصة تلك الاعترافات أمام الأمن العام فإن عباس س. بدأ بالتعامل عام 2015 وتواصل مع الموساد الإسرائيلي مستخدماً وسائل التواصل الإلكترونية حيث عرض عليهم تقديم خدمات، وأنه بالفعل تواصل مع العميل الفار سامر أبو عرّاج الذي طلب منه إرسال صور عن مناطق في الجنوب، فأرسل له مقاطع فيديو لبعض المناطق وحمّلها على حسابه على الفايسبوك قبل أن يعمد إلى محوها. كما طلب منه تزويده بمعلومات عن مواقع عسكرية وحزبية.

وكان لافتاً ما طلبه عباس من مشغّله «دعم مالي لمصلحة الحراك المدني».

أما كمال ح. فقد بدأ بالتواصل عام 2011 ومن بين من تواصل معهم نساء ورجال في الأراضي المحتلّة ومنهم الناطق الرسمي باسم جيش العدو أفيخاي أدرعي، فيما اكرم إ. الذي بدأ تواصله العام 2015، كلّف بتصوير مواقع مدفعية حزب الله في القصير ومناطق البقاع.

وأمام المحكمة، كان للمتهمين الثلاثة «روايات» أخرى، وذهب أحدهم - عباس س.- إلى تشبيه ملفه بـ«ملف زياد عيتاني»، وما تواصلهم جميعاً عبر حسابات لعملاء أو حسابات إسرائيلية وأخرى لفتيات إسرائيليات والتحدث بالعبرية أيضاً سوى بهدف «التسلية» أو «السآلة».

وباستجوابه، أيد عباس ما أفاد به سابقاً حول انتسابه الى حزب الله عام 2007 حيث خضع لأربع أشهر لدورة عسكرية وقبلها دورة ثقافية. و«صحّح» لرئيس المحكمة حين قال عنه بأنه ترك الحزب عام 2012 قائلاً: «لم أتركه إنما كنت أشارك».

تأثر عباس بالفكر الشيوعي عام 2012، فقاطع رئيس المحكمة قائلاً: «ليس كثيراً إنما شاركت بالحراك المدني»، موضحاً أنه عثر معه على 88 غراماً من مادة الماريجوانا المخدرة «للتعاطي الشخصي».

وسئل عن ثلاثة اتصالات أجرها مع رقم إسرائيلي خلال العام 2015 فقال: «لم يحصل أن تواصلت هاتفياً إنما عبر الفايسبوك مع سامر أبو عراج وهو عميل لحدي في مرجعيون وكان يسألني عن لبنان إنما لم يسبق أن عملت معه فهو عرض علي وأنا رفضت، كما لم يطلب مني أن أصوّر له شيئاً لا في الضاحية ولا في غير مكان آخر».

وبعدما نفى معرفته السابقة بالمتهم كرم إ. قال: «إن اعترافاتي لدى الأمن العام لا أثق بها وملفي شبيه بملف زياد عيتاني». وأضاف عباس: «الامن العام يريدون الحصول على ترقية على ظهري وأطلب إعادة التحقيق معي». وتدخل ممثل النيابة العامة القاضي هاني حلمي الحجار متوجهاً إلى المتهم بأن موضوعه لا يشبه مطلقاً موضوع عيتاني.

وحول المحادثات التي أجراها مع أبو عراج الذي أخبره بأنه فر إلى إسرائيل عام 2000 وأنه أي المتهم كان يتواصل معه باسم دانيال، قال الأخير إن لا أحد يعرفه بهذا الاسم ولم يتواصل إلا باسمه الحقيقي.

وبعدما أشار الى أساليب التعذيب الذي تعرض له أولياً طلب عباس مواجهته بالصور التي أرسلها الى ابو عراج، وقال: «اتهموني بأنني محيتها وهي غير موجودة». وعاد رئيس المحكمة ليسأل المتهم عن طلب أبو عراج منه تصوير قريته وقبر والده في مرجعيون وأنه التقط بالفعل العديد من الصور في الضاحية والجنوب والبقاع وقام بتحميلها على حسابه على الفايسبوك ليتمكن أبو عراج من مشاهدتها قبل ان يعمد المتهم إلى محوها، فأصر الاخير على نفي ذلك.عندها أعلمه رئيس المحكمة بانه ستتم مواجهته بداتا الاتصالات عبر الشاشة في قاعة المحكمة لاحقاً.

وعن طلبه من أبو عراج مدّه بالمال بعدما أعلمه بأنه ناشط في الحراك المدني، قال المتهم بعدما نفى ذلك، بأن «كثراً يكرهونه لأنه كان ناشطاً في الحراك». وأضاف «نحن في الحراك المدني أردنا الترشح للانتخابات النيابية ولا أعرف من هو وراء تركيب ملفي».

في اعتراف عباس الأولي أنه طلب من أبو عراج ربطه بمشغلين إسرائيليين، لينفي ذلك «فأنا لدي مجموعة من الروس والأميركيين وطلبت منهم العمل معهم كهاكر». وحول صفحة تُعنى بالحيوانات فيما هي ناشطة لصالح المخابرات الإسرائيلية وتواصل من خلالها المتهم مع ضابط طلب منه ملاقاته إلى قبرص، نفى ذلك أيضاً وقال عن تواصله مع فتاة إسرائيلية عام 2017: «كما أي شاب للتسلية». وفي تواصله مع مراد م. قال إنه رئيس جمعية لمكافحة المخدرات وتواصل معه لمساعدته في الإقلاع عن المخدرات وهو يسكن في غزة إنما هو ضد إسرائيل.

وسئل المتهم عما ذكره أولياً عن سبب تعامله حيث أجاب حينها «كرهي لحزب الله والمال»، وكان جوابه «الجديد» أمام المحكمة: «ليس لدي كره للحزب بعد ما قام به في سوريا ومع الجيش وأنا أسكن بينهم»، مضيفاً بأن وضعه المادي جيد وليس بحاجة للمال.

وعما يقوله في القرص المدمج الذي تم ضبطه ويحوي مقاطع فيديو عن بلدة مرجعيون وشوارعها والضاحية الجنوبية وصور التقطها في القصير، أجاب سائلاً: «أين هي وأنا لم أذهب إلى القصير».

وباستجواب المتهم أكرم إ. أفاد بأنه انتمى إلى حزب الله العام 2010 وخضع لدورة عسكرية وأن والده تلقى في العام 2013 تهديدات من قياديي «كتائب الفاروق» وطلب منه حينها ترك الحزب «لأنهم صاروا يدلّون على البيوت ويتم ضربها».

تواصل أكرم مع أصدقاء له حيث كان يتحدث معهم بالعبرية وأحياناً باللغة الايطالية أو الإسبانية «سآلة»، نافياً تلقيه أي اتصال من الرقم نفسه الذي تلقى منه عباس اتصالاً مماثلاً. وعن استخدامه لغات عدة لعرض خدماته للعمل مع العدو قال المتهم ان تلك المحادثات هي مع فتيات. وحول اعترافه الأولي بتواصله مع الإسرائيليين خلال العام 2015 عبر الفايسبوك حيث كان يعبّر عن حبه لهم وأن لديه معلومات تهمهم قال المتهم «لم أعلم بأن أياً من الذين تواصلت معهم هم إسرائيليون». كما نفى تواصله مع ساندرا ودايفيد الإسرائيليين وقال عن هنري إنه أميركي ويعيش في فرنسا ويهتم باللاجئين السوريين، وعندما طلب منه الذهاب إلى القصير وإعلامه إذا ما كان هناك وجود عسكري وحزبي «عملتلو بلوك».

ولكنك حاولت الذهاب إنما لم تستطع الدخول - سأله رئيس المحكمة - فقال: أنا ذهبت الى القصير قبل أن يطلب مني هنري ذلك، الذي لم أعلم أنه يعمل لصالح الموساد، وقد أخبرت أحد الأشخاص في الحزب الذي «تمسخر علي». ونفى أن يكون هنري قد طلب لقاءه في تركيا بعد أن طلب منه المتهم ثمن تذكرة السفر وقال إن المحقق أبلغه «يا أنا بحط السيناريو يا هوّي».

وعاد المتهم ليقول إنه في رمضان 2017 ذهب الى القصير مع رفيقه من «معلومات حزب الله وتصورنا هناك».

ولماذا رغبت بالعمل مع الموساد فقال: «لم يحصل وأنا أقضي معظم وقتي في مستشفى حيث أعمل».

وفي ضوء إنكار المتهم، سأله رئيس المحكمة، لماذا كل هذه الاعترافات في إفادتك الأولية فقال: «لا أعرف إنما القصة مضخمة كتير».

وأخيراً استجوبت المحكمة المتهم كمال ح. الذي أفاد أنه في العام 2017 أوقف في الشارقة بعد الاشتباه بعلاقته بحزب الله «وحبي الشديد له»، حيث أخضع للتحقيق حول ذلك وأنه بعد أن طلبوا منه معلومات عن الحزب وأرقام سيارات إماراتيين في الضاحية ولبنانيين في الإمارات رفض ذلك فخسر وظيفته كمسؤول تواصل اجتماعي في نادي الخليج وعاد إلى لبنان.

وأوضح أنه كان يتواصل مع فتيات في فلسطين المحتلة كأي شاب، وأنه بالفعل أجرى بحوثاً عن مواقع إسرائيلية، لغتهم، عملتهم وجيشهم كـ«معلومات عامة».

وعما قاله أولياً عن رغبته بالسفر إلى إسرائيل وإجرائه بحوثاً عن عماد مغنية وعقل هاشم وأبو فضل العباس، قال المتهم إنه وضع هذه المعلومات على داتا وهي معلومات عامة وتندرج ضمن عمله كـ«رجل مخابراتي» مصنفاً نفسه بأنه «درجة ثانية في الأمن»، ويتواصل مع الدولة حول كل ما يحصل.

وبعدما أكد أنه اشترى من معرض إيراني في بيروت كتاباً لتعلّم العبرية، نفى تواصله مع إسرائيليين ومن بينهم فتيات، فـ«كارلا أميركية وايلينا كذلك» أما تواصله مع أدرعي عبر حسابه على الفايسبوك فقال إنه كان هناك حوارات بين الناس «وأنا تسألت عليه وتواصلت من أجل الشتيمة والسخرية».

وقال عن المتهم عباس بأنه «علماني» ولا يحب أن يُقال عنه بأنه «شيعي»، قبل أن يؤكد على أقواله الأولية ما ذكره عن استشهاد الرئيس رفيق الحريري بأنه «يوم النصر والتحرير».

وقرر رئيس المحكمة رفع الجلسة إلى 12 تشرين الثاني المقبل لمتابعة الاستجواب.