كل الديمقراطيات في العالم اليوم تعيش خشية دائمة من الجهلة والجهلية والجاهلية
 

يولد الإنسان في عالمنا العربي والإسلامي ولا يعرف سوى الزعيم الأوحد والملهم الأمجد، وما عليه إلاَّ الدعاء له بطول العمر إن عطس أو شخر، وأن يبعد الله عنه البلية والشرور وأن يحفظ ذريته من عائلة الدهر وأن يحفظ نطفته في صلب ظهره حتى تبقى البلاد والعباد في نعيمها وخيراتها إنه سميع الدعاء، لأنه بانقطاعها تنقطع البركات والخيرات عن جميع مخلوقاته سبحانه وتعالى، ولله في خلقه شؤون بل وشجون وهو علام الغيوب - لست هنا بصدد الكلام عن الإستبداد الديني والسياسي في عالمنا الشرقي ولا عن الديمقراطية بمفاهيمها الرائعة ومبادئها الراقية وأهمها تداول السلطة  لأنه لم يعشها المرء ولم يتذوق معانيها سواء في الثقافة أو التربية أو المجتمع ولربما في مناهج المؤسسات والمدارس التي تؤسسها تلك الطبقة الحاكمة في دولها، لأنَّ مفهوم الإستبداد أو مفهوم الديكتاتورية لم يعد ينطبق على سلطة الشخص الواحد أو الحاكم الواحد، بل تطور إلى ثقافة مجتمع وثقافة الأنظمة السياسية والدينية، القائم على الغطرسة وإحتكار الرأي وعدم تقبل الرأي الآخر ومعاداة الحرية والديمقراطية وردع من ينادي بها ويدعو إليها، وأعتقد لا نحتاج لمزيد من التعريف لأنها ملموسة في واقعنا وتجاربنا في المجتمع السياسي والديني ـ وإنما بصدد معرفة الإستبداد الجهلي من خلال بعض الأسئلة التي نطرحها والتي صاغها الدكتور التونسي (عبد الواحد المكني) في مقالته (دكتاتورية الجهل) بسؤال صاغه: لمن الغالبية في البلاد العربية اليوم؟ للطبيب أم العرَّاف، ـ وأزيد عليه للطبيب أم للمفتي والشيخ والساحر والمشعوذ ـ للوصفة أم التميمة، ـ التميمة هي ما يُعلَّق في العنق وفي عرفنا الحرز لرفع العين ـ للمخبر أم المزار، للجامعة أم الزاوية ـ أو في الشوارع والطرقات ـ للنقد أم السباب، ـ واللعن والشتم والإتهام وإنتهاء الكرامة ـ للعقل أم النقل، للثقافة أم الإيديولوجيا، للفكر أم السياسة، للخبير أم البخور، للفن أم للطرب، للصحافة أم الجرائد، للسينما أم الأفلام، للضحك أم للتهريج، للحزن أم للمآتم، للرثاء أم العويل، للحوار أم العنف، للكلام أم الصهيل، للإحترام أم للخوف، للمرأة أم الأنثى، للرجل أم الذكر، للمفتاح أم للقفل، للمواطن أم الرعية، للرشاد أم الفساد.
كل الديمقراطيات في العالم اليوم تعيش خشية دائمة من الجهلة والجهلية والجاهلية، فكيف الشأن بالنسبة لمشاريع الديمقراطية في تونس ومصر وسوريا واليمن وباقي البلاد العربية؟
إنها ديمقراطيات في مرحلة الدبيب وقد تقبرها ديكتاتوريات الجهل (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)..

إقرأ أيضًا: هذا هو الأعور الدجَّال!