إلى متى تستطيع الأطراف المعنية إخفاء حقيقة ما يجري في سوريا ؟
 

 

شيء غريب يحصل في الميدان السوري، ففي الوقت الذي يؤكد فيه ناشطون سوريون أن غارات إسرائيلية تحصل بوتيرة شبه يومية على مواقع وقواعد لل "حرس الثوري الإيراني " نكاد لا نسمع عن هذه الغارات المدّعاة أي حسّ خارج إطار صفحات التواصل الاجتماعي!

حالة أقرب ما تكون إلى مرحلة ما قبل ثورة الإتصالات والإمبراطوريات الإعلامية الضخمة، وكأننا في زمن حقبة الخمسينيات من القرن الماضي، فلم نعد نعرف أين الحقيقة ولا ماذا يجري !

بالأمس مثلا، وصلني عبر المسنجر، خبر غارة على موقع إدّعى الصديق المرسل أنها استهدفت ما يُسمى بمعسكر التدريب لأمن الدولة فرع 295 في منطقة إسمها نجها ! بالإضافة لقصف ( والخبر كله على ذمة الراوي ) للفوج الأول والثاني التابع لما أسماه إدارة الحرب الالكترونية، وهو موقع إيراني معروف قرب السيدة زينب !

هذه التفاصيل كلها والمرفقة بصور لتثبت صحة الخبر ومن أكثر من ناحية عن الغارات، تلوتها بنفس اللحظة على مسامع كوادر من "حزب الله " كانت تجمعني بهم سهرة رمضانية عند صديق مشترك مما إستدعى منهم فتح هواتفهم سريعا للتأكد من صحة الخبر أو عدمه، وحتى تكون هذه الأخبار مادة دسمة كما توقعتها للسهرة، علها تفتح الحوار على ما يقال عن ردّ إيراني مرتقب ولمعرفة ما سوف تؤول إليه الأحوال في القادم من الأيام .

المفاجأة الصدمة، كانت هي حين رفع هؤلاء رؤوسهم عن هواتفهم بعد لحظات قليلة، ليخبرونا بأن لا وجود لهذه الأخبار أصلا! ولا وجود لا إلى غارات ولا من يغيرون وذهب الحديث إلى مكان آخر لا علاقة له بالموضوع فلا ردّ ولا غارات ولا طبول حرب تقرع على الأبواب .

 

إقرأ أيضا : بعد نكبة الفلسطينيّين عام 48، نكبة السوريين عام 2018

 

 

في السياسة من الواضح أن قراراً كبيراً قد اتخذ بطرد الوجود الإيراني من سوريا، وهذا ما عبّر عنه بكل وضوح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حين شدّد على أن " إيران ستتعرض للعقوبات الأكثر قسوة في التاريخ إذا واصلت سياساتها"، مشدداً على أن "هناك 12 مطلباً أميركياً من أبرزها وقف دعم الإرهاب والإنسحاب من سوريا."

ويُقال بأن العدو الإسرائيلي أوكل عمليا مهمة تطبيق هذه الرغبة الأميركية كما جاء أيضا على لسان رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتانياهو أكثر من مرة وبأماكن متعددة، بالإضافة إلى ما سرّب من لقاء بوتين الأسد والرغبة الروسية بمجاراة السياسة الأميركية التصعيدية اتجاه إيران بالخصوص فيما يتعلق بتواجدها على الأرض السورية. 

فإذا كان مفهوما الرغبة الإيرانية بعدم الإفصاح عن الغارات شبه اليومية حتى لا تحرج بالرد وجر المنطقة إلى حرب لا تريدها هي، وإذا كان مفهوما أيضا بأن إسرائيل هي الأخرى لا تريد إحراج إيران من خلال الإعلان عن الغارات ، يبقى السؤال الكبير هو إلى متى تستطيع  الأطراف المعنية إخفاء حقيقة ما يجري في سوريا ؟ وهل مكتوب علينا أن نستفيق لنجد أنفسنا في خضم حرب كبرى من دون أن نعرف ! 

الأيام القليلة القادمة كفيلة بالإجابة .