ارتبط إسم جبران باسيل بنبيه بري كثيرا في الآونة الأخيرة وشكل هذا الإرتباط رافعة كبيرة لباسيل
 

جبران باسيل الإسم الذي يحتل بشكل يومي المساحة الكبيرة في الإعلام اللبناني، وتتقدم أخبار جبران باسيل ومواقفه وتصريحاته باقي المواد الإعلامية يوميًا، أثبت الرجل حضوره في كل منعطفات السياسة اللبنانية، الداخلية والخارجية.
ولم يقتصر ظهور باسيل  على الساحة اللبنانية وحدها فقد لمع الرجل أكثر في الشأن الخارجي وساهم بشكل كبير في معالجة قضية الرئيس سعد الحريري خلال احتجازه في السعودية قبل أشهر بحضور مميز ولافت، ترك صداه أكثر خلال مشاركة لبنان في عدد من المؤتمرات والقمم فكان باسيل السياسي أقرب إلى القضايا العربية من بعض الدول العربية الكبيرة.
محليًا بدت لمسات جبران باسيل السياسية في تفاصيل كثيرة سبقت توليه منصب رئاسة التيار الوطني الحر، وفيما بعد أعاد ترتيب أولويات التيار ولم يتطلع إلى حجم الإعتراضات التنظيمية الداخلية، فأكمل ورشته تمهيدًا لبدء التحضير للإنتخابات النيابية التي خاضها التيار الوطني الحر بكل ما أوتي من قوة بالرغم من حجم الإنتقادات التي وجهت للتيار على صعيد التحالفات الإنتخابية، واستطاع باسيل في هذه المرحلة تجاوز بعض المحاذير في الخطاب السياسي والطائفي، إلا أن هذه المحاذير اعتبرت في سياق الحملة الإنتخابية ولها مبرراتها، وانتهت الإنتخابات إلى ما انتهت إليه وذهب الجميع لتقدير حجم الإنتصارات والخسائر إلا أن جبران باسيل استمر في تسجيل حضوره السياسي على أكثر من صعيد ومن أبرز ما كان يسعى إليه هو التعامل بمبدأ الندّية مع الرئيس نبيه بري الذي يعتبره الجميع الرجل الأقوى في الساحة السياسية والرجل الأقدر على فهم السياسة اللبنانية بخفاياها وأبعادها.

إقرأ أيضًا: بين الجمهورية القوية ولبنان القوي من سيفوز بموقع نائب رئيس المجلس؟
وضع باسيل نفسه في صفوف الأقوياء من السياسيين المخضرمين وأصبح لاعبًا أساسيًا في حلبة الصراعات السياسية وطموحا أكثر حول حقوق المسحيين وحصصهم في التركيبة اللبنانية والنظام، وبغض النظر عن الصح والخطأ في شخصية باسيل ومواقفه ومشاريعه إلا أنه شكل اليوم زعامة مسيحية جديدة جديرة بالدراسة والتحليل.
ارتبط إسم جبران باسيل بنبيه بري كثيرًا في الآونة الأخيرة وشكل هذا الإرتباط رافعة كبيرة لباسيل تشكلت هذه الرافعة من خلال مواقف غير مسبوقة من الرئيس بري كادت تؤدي الى أزمة سياسية في البلاد سرعان ما جرى تطويقها لعدم الإنجرار الى الفتنة وبالتالي خرج باسيل قويا وبدا الرئيس بري الأب الذي تجاوز عقوق أبنائه حرصًا على سلامة بيت العائلة اللبنانية الواحدة.
بعد الإنتخابات النيابية هدأت النفوس وتوقف التحريض الإنتخابي ليراجع الجميع حسابات المستقبل والمصالح وبالتالي عاد الجميع إلى قواعدهم بسلام وبدأت الإنفراجات تظهر في علاقة باسيل وبري تحديدًا فزار الرئيس بري بعبدا وأعلن تأييده لأن تكون نيابة رئيس المجلس لتكتل التغيير والإصلاح وفتحت الأبواب على التوافق وعودة المياه إلى مجاريها.
جبران باسيل على قناعة تامة بأن الرئيس بري شخص لا يمكن تجاوزه في السياسة والحضور فأعاد البوصلة الى وجهتها في المجلس النيابي وهي الرئيس بري فقال في مقابلة له في صحيفة الأخبار اليوم :
"جوهر كل معركتنا الميثاقية هو أن الأقوياء هم من يجب أن يتمثّلوا، وخضنا معركة الرئاسة بعنوان الرئيس القوي لذلك، التسليم بقوة تمثيل الرئيس بري والتصويت له أمر طبيعي وينسجم مع قناعاتنا. لكن، للأسف، هو لم تكن هذه قناعته. ولأننا نروّج لمبدأ المعاملة بالمثل، طُرحت هذه الاشكالية والتساؤلات حول الاتجاه الذي سنسلكه في التصويت في انتخاب رئيس مجلس النواب، هذا من جهتنا، الرئيس بري، من جهته، من الطبيعي ونحن على ابواب هذا الاستحقاق أن يبادر الى فتح صفحة جديدة، وقد بادر الى ذلك بالفعل وهذا أمر ايجابي. نحن نريد أن تكون علاقتنا جيدة مع الجميع، ونريد للبلد أن يمشي وللعهد أن ينجح وللحكومة أن تتألّفـ وأنا قلت قبل الانتخابات النيابية بأن أي عاقل لا يفتش عن مشكل مع الرئيس بري، ولكن بالطبع على ألا يكون ذلك على حساب البلد. إذا كانت هناك فرصة لأن تكون العلاقة طبيعية فهذا أمر نحن معه".

إقرأ أيضًا: تغريدة مفبركة تحدث بلبلة بين الجمهور الشيعي والقوات ... من المسؤول؟
وأضاف باسيل حول انتخاب الرئيس بري قائلًا:
"الأمر موضع درس وسنأخذ القرار في شأنه في اجتماع التكتل الثلاثاء. ولكن، في كل الاحوال، أريد هنا أن أؤكد ان اخلاقياتنا وسلوكياتنا لا تسمح بأن نتصرف في جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب كما تم التصرف مع العماد ميشال عون في انتخابات الرئاسة. هذا أمر غير وارد أبداً، وننبه الى أن هناك ربما من يريد ان يعمّق المشكلة في الجلسة عبر كتابة تعابير أو أوصاف معيّنة في أوراق الاقتراع. ونحن، مسبقاً، نتبرّأ من أي فعل كهذا وندينه".
وعلى ما يبدو فإن باسيل لن يخرج عن الإجماع الذي يحظى به الرئيس بري وأن السياق اليوم هو سياق توافقي سيبدأ بانتخاب الرئيس بري ويتعدى ذلك الى تشكيل الحكومة الجديدة على أن باسيل يعتبر أن رسالته السابقة وصلت وحققت أهدافها وأن المرحلة القادمة بحاجة الى دعامة جديدة للعهد القوى وبالتالي فإن العهد القوي بحاجة الى رئيس مجلس قوي وهكذا ستنتهي الأمور الى الرئيس بري رئيسًا للمجلس برغبة مشتركة من الجميع ومن بينهم تكتل لبنان القوى.
والخلاصة أن لبنان القوى بحاجة إلى رئيس قوي ورئيس مجلس قوي ورئيس حكومة قوي وجبران باسيل قوي.
وترسو المعادلة على استمرار التسوية التي رافقت العهد بالرغم من بعض الصعوبات المنتظرة في تشكيل الحكومة ربطًا بالتطورات الأخيرة في موضوع العقوبات على "حزب الله" من جهة وفي موضوع توزيع الحقائب الوزارية وحصص الكتل والأحزاب من جهة ثانية.