لا مصلحة للبنان في معارضة المزاج الدولي العام وخاصة الأميركي المنسجم تماما مع مزاج الدول الخليجية
 

ضمن مسلسل العقوبات التي بدأتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأذرعها في المنطقة منذ سنوات تم استهداف "حزب الله" اللبناني وهو الذراع الأقوى في المشروع الإيراني بحزمة من العقوبات لجأت إليها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الأيام القليلة الماضية وطالت مجموعة قيادية في الحزب بجناحيه السياسي والعسكري. 
وتتخذ الإجراءات الأميركية والخليجية ضد "حزب الله" أعلى مستوى من العقوبات وأكثرها شمولا. إذ أنه وللمرة الأولى تم وضع أسماء كل قيادته السياسية على لوائح العقوبات التي صدرت في مركز استهداف تمويل الإرهاب الذي ترعاه المملكة العربية السعودية وشركاؤها. وتشمل هذه العقوبات تجميد أرصدة هؤلاء القياديين في الحزب ويأتي في مقدمتهم الأمين العام للحزب السيد "حسن نصر الله" ونائبه الشيخ "نعيم قاسم "والوكيل الشرعي العام للولي الفقيه في لبنان الشيخ "محمد يزبك" والمستشار السياسي للأمين العام الحاج "حسين الخليل" ورئيس المكتب السياسي للحزب السيد "إبراهيم أمين السيد "والمسؤول العسكري الحاج "طلال حمية".

إقرأ أيضًا: من وعد بلفور إلى وعد ترامب
وقد أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية وست دول خليجيه اجتمعت في مركز مكافحة تمويل الإرهاب عن اتخاذها الإجراءات الصارمة بحق الحزب في خطوة تأتي ضمن سلسلة العقوبات الأخرى التي أعلنت عنها الإدارة الأمريكية إثر انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران الأسبوع الماضي. 
وذكرت وزارة الخزانة الأميركية أن العقوبات شملت أيضا شخصين وعدد من المؤسسات لها صلة بالحزب، وقالت الوزارة في بيان لها إن "العقوبات شملت عبدالله صفي الدين ممثل الحزب في طهران وكذلك رجل الأعمال اللبناني محمد إبراهيم بزي الذي عمل لمصلحة الحزب  في إيران".
وقد أدرجت الوزارة خمس شركات مسجلة في دول أوروبا وغرب أفريقيا والشرق الأوسط ومرتبطة بصفي الدين وبزي. 
واتهم وزير الخزانة الأميركية ستيف منوشين بزي بالضلوع في عمليات تبييض الأموال وتهريب المخدرات. وأنه كان يقدم الدعم والمساعدة المالية والمادية والتقنية والخدمات المالية للحزب وهو من أبرز الضالعين في التعاملات المالية لمصلحة للحزب والذي حقق أرباحا بملايين الدولارات من خلال نشاطاته. 

إقرأ أيضًا: ترتيب البيت الداخلي لتيار المستقبل لأسباب سياسية
وعلى الرغم من التقدم الملموس الذي حققه الحزب في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في السادس من الشهر الجاري، والايحاء الذي عبر عنه بالمزيد من انغماسه في الحياة السياسية في البلد واكتساب شرعية الدولة اللبنانية. إلا أن العقوبات الأميركية الجديدة جاءت لتعكس إصرارًا أميركيًا على التعامل مع الحزب بصفته منظمة إرهابية دون التمييز بين ما يطلق عليه بالجناح العسكري والجناح السياسي. 
وجدير بالإشارة إلى أن العقوبات الأميركية الجديدة ضد "حزب الله" تأتي بعد أيام قليلة على إعلان واشنطن مواصلة دعمها للجيش اللبناني. الأمر الذي يشير إلى أن الإدارة الأمريكية تتعامل مع الحزب بشكل منفصل عن تعاملها الرسمي مع الدولة اللبنانية بكافة أجهزتها ومؤسساتها الدستورية والرسمية. 
ويمكن قراءة هذه العقوبات من منظور أنها رسالة إلى النظام السياسي اللبناني حول موقع الحزب على خارطة الإرهاب، وبالتالي ستطرح أسئلة داخلية في الوقت الذي يتم التداول فيه لإعادة إنتاج السلطة في لبنان بعد الانتخابات البرلمانية. وقد تتعقد المفاوضات والمداولات حول تشكيل الحكومة اللبنانية لجهة إشكالية منح الحزب حقائب وزارية فيما عواصم عالمية أساسية بالنسبة للبنان تعتبر الحزب منظمة إرهابية. 
وعليه فإنه من مصلحة الشرعية اللبنانية الإلتزام الكامل بالعقوبات وروحيتها، إذ أنه لا مصلحة للبنان في معارضة المزاج الدولي العام وخاصة الأميركي المنسجم تماما مع مزاج الدول الخليجية.