مهمة الحريري تواجه عقبات... وتأثيرات العقوبات الأميركية والعربية
 

لم تنطلق رسمياً عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، في انتظار استكمال المسار الدستوري الطبيعي الذي يقتضي بداية انعقاد البرلمان الجديد المنتخب يوم الأربعاء المقبل، لانتخاب رئيس للبرلمان، ونائب له واستكمال هيئة المجلس، ثم الشروع في عملية الاستشارات (الملزمة بنتائجها) التي يجريها رئيس الجمهورية لتسمية رئيس للحكومة، والذي بدوره سوف يجري استشارات برلمانية (غير ملزمة) لتحديد شكل الحكومة.
لكن المباحثات غير الرسمية، انطلقت بقوة وعلى أكثر من صعيد، سعياً وراء تحصين المراكز في الحكومة المقبلة، ومن خلفها تحديد نوعية مشاركة كل من الأطراف السياسية في السلطة. وبغض النظر عن العملية الإجرائية التي ينص عليها الدستور، بات معلوماً أن رئيس البرلمان نبيه بري سوف ينتخب رئيساً له مرة جديدة، كما أن رئيس الحكومة سعد الحريري سوف يكلف تشكيل الحكومة الجديدة، ويبقى السؤال حول حجم القوى داخل الحكومة، وكثرة عدد الطامحين لدخولها. ويلخص مرجع لبناني لـ«الشرق الأوسط» العقبات الاعتيادية لتشكيل الحكومة بأنها ستتمحور حول تمثيل المسيحيين من خارج «التيار الوطني الحر»، في ظل مطالبة «القوات اللبنانية» بمساواتها به في عدد الوزراء وبالحصول على وزارة سيادية، كما في تمثيل السنة من خارج «تيار المستقبل» في ضوء دفع «حزب الله» نحو تسمية وزراء من حلفائه الفائزين في الانتخابات، وفي مسألة تخصيص حقيبة المال للطائفة الشيعية.
أما العقبات غير الاعتيادية، فقد ترتبط بمسألة العقوبات الأميركية والعربية على قياديين في «حزب الله» وإمكانية تأثيرها على تشكيل الحكومة، غير أن هذا الاحتمال بدا ضعيفاً في تقييم القيادات اللبنانية المختلفة، والتي رأى معظمها أن العقوبات «لن تؤثر على عملية تشكيل الحكومة، لكنها قد تؤثر على الاقتصاد اللبناني والوضع المالي». وترمي مصادر قريبة من «حزب الله» الكرة في ملعب الحريري ومدى «استجابته للضغوط الأميركية»، مشيرة في المقابل إلى أن مسار الأمور لا يوحي بإمكانية عرقلة عملية تشكيل الحكومة، وهو ما توافق عليه مصادر في «تيار المستقبل» التي رأت أن العقوبات غير جديدة، وكانت موجودة سابقاً عند تأليف الحكومة الحالية وغيرها، وبالتالي لا تأثير مباشراً على هذه العملية.
لكن التحدي الأكبر الذي قد يواجه الحريري، هو سعي «حزب الله» هذه المرة إلى تمثيل أكبر في الحكومة، وتزامنه مع هذه العقوبات قد لا يكون عاملاً مساعداً. وتؤكد المعلومات التي توفرت لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب لن يسير في عملية تشكيل الحكومة على غرار «الزهد» الذي أبداه سابقاً في عمليات تأليف الحكومات، حيث كان يحصل على حقائب غير خدماتية، كحقيبة الشباب والرياضة (التي يشغلها حالياً) وحقيبة التنمية الإدارية أو شؤون مجلس النواب أو الصناعة. وهي حقائب كان يرضى الحزب بتسلمها تاركاً للقوى السياسة الأخرى الدخول في الصراع حول الحقائب الخدماتية والأساسية مكتفياً بالوجود السياسي. وتقول مصادر قريبة من الحزب، إنه يريد هذه المرة حقائب أساسية خدماتية يمكن من خلالها «خدمة الناس والتصدي للفساد». وتشير المصادر إلى أن حصة الحزب يجب أن تكون 3 وزراء إذا كانت الحقائب الشيعية ستة. وتجزم المصادر برفض الحزب استبعاده من الحكومة، مؤكدة أن الحزب أبلغ من يعنيهم الأمر بأن فريقه السياسي يتمتع بأغلبية موصوفة داخل البرلمان، وبأنه إذا تجاوب الحريري مع الفيتو الأميركي فلن تكون هناك حكومة... وإذا تم تشكيل الحكومة فلن تنال الثقة.
وكانت العقوبات المفروضة على «حزب الله» موضع تعليقات إضافية من السياسيين اللبنانيين،؛ إذ رأت النائبة المنتخبة رولا الطبش جارودي (المستقبل)، أن العقوبات الأميركية سيكون لها تأثير على الوضع الداخلي لناحية عرقلة ملف تشكيل الحكومة، إلا أن الدولة تأخذ في الاعتبار كل هذه الأمور، مشيرة إلى أن «حزب الله» موجود في البلد ولا يمكن تجاهله، وهناك ربط نزاع داخلي معه، وقالت سيتم السعي لتحييد لبنان عن النزاعات الموجودة.
وأوضح النائب المنتخب نقولا نحاس (كتلة الرئيس نجيب ميقاتي)، أن «العقوبات ضدّ (حزب الله) ليست جديدة ولن تؤثّر على الاقتصاد اللبناني»، مشيراً إلى أن «الأسماء التي أُعلن عنها، لا حيثية اقتصادية لها بل عنوانها سياسي». وأكد نحاس أنّ «حزب الله» جزء أساسي من النسيج اللبناني، ولا يمكننا القول إنه غير موجود، مشيراً إلى أن الخلافات لا يمكنها أن تؤثر على المنحى العام لأن لبنان في حاجة إلى حماية من نار المنطقة من دون إلغاء أحد.