الصيام يساوي بين الغني والفقير في الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر إلى الليل
 


بسم الله الرحمان  الرحيم
يعتبر شهر رمضان محطة أساسية سنوية في حياة الإنسان كفرد ومجتمع, حيث يُذكِّره الجوع والعطش أثناء صيامه بوجود جوعى وعطاشى وفقراء ومساكين يعيشون سنتهم كاملة على هذه الحالة أو ما يشابهها . ولذلك فإن الشريعة ركّزت على إحدى أهم فوائد تشريع صيام شهر رمضان, وهو إشعار الصائم بالجوع والعطش ليتذكر أن هناك من هم كذلك لأشهر وسنوات, وأنهم ليس عندهم ما يسدون به جوعهم وعطشهم على الدوام .

فقد ورد عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال: "إنما فرض الله الصيام ليستوي به الغني والفقير, وذلك أن الغني لم يكن ليجد مس الجوع فيرحم الفقير, لأن الغني كلما أراد شيئا قدِر عليه, فأراد الله أن يُسوِّي بين خلقه وأن يذيق الغني مس الجوع لِيَرق على الضعيف ويرحم الجائع ."

فالصيام يساوي بين الغني والفقير في الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر إلى الليل، فلا يوجد صيام خاص بالأغنياء وآخر بالفقراء، بل هو صيام واحد يساوي بين الجميع دون تمييزٍ . فعندما يمتنع الغني عن الطعام والشراب لهذا الوقت الطويل من اليوم فهو حتماً سيشعر بمعاناة الفقير الّذي لا يجد الطعام دوماً، وبهذا سيساعد الغني الفقير ويعينه على أعباء الحياة، وسيصبح هناك توزيعٌ جديدٌ للأموال؛ لأنّ رمضان فيه صدقاتٌ وزكاة أموالٍ وهباتٌ كثيرةٌ، وهذا يعين الفقراء ويرفع من مستوى معيشتهم قليلا ً.

ومن هنا تظهر أبهى فوائد تشريع الصيام, ألا وهي زيادة رقة المشاعر وحب الخير لدى الفرد تجاه غيره من أبناء مجتمعه الإنساني من الفقراء والمساكين والمحتاجين, فتتجلى إحدى أهم المشاعر الإنسانية التي لها أثرها الطيب في المجتمع, ولا لا حياة لأي مجتمع إلا بها, وهي إيقاظ شعور التحسس بآلام الغير وتنمية هذا السلوك الإنساني الراقي, حيث يتفاعل هذا الخير الفردي إلى خيرٌ عميم, وهو صيانة المجتمع من الشرور والمفاسد وانتشار روح المحبة بين الناس وتتوطد العلاقات بينهم ويصبح الكل يشعر بآلام الكل, فيتحقق التكافل الإجتماعي بأجمل صوره الإنسانية, وكان كل هذه النتائج الجليلة مانعاً نفسياً واجتماعياً من ارتكاب الجرائم بين أبناء المجتمع الواحد, وكابحا نفسيا عميقاً من انتشار الفساد والإضطراب في المجتمع بسبب الحادة التي تتسبب باضطرابات وجرائم إجتماعية لا تُحصى .

وهنا يظهر معنى قول الله تعالى {شَهرُ رَمضَان الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآن هُدىً لِلنَّاسِ و بَيِّناتٍ منَ الهُدى و الفُرقانِ فمَن شَهِد مِنكُم الشَّهرَ فَلْيَصُمه و مَن كان مَرِيضاً أَو عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَر يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسر و لا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ وَ لِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ على ما هَداكُم و لَعَلَّكُم تَشكُرُون}.

فالشكر لا يكون إلا على نعمة كبيرة وليس على أمر سيء, وعندما يخبرنا الله تعالى أننا يجب أن نشكره لأنه فرض علينا تشريع الصيام, فهذا يكشف عن الآثار والنِّعم الكبرى, الفردية والعامة, التي يتركها صيام شهر رمضان على المجتمع, لأن الله سبحانه غني عنا ونحن الفقراء إليه . فالشكر لله رب العالمين على عظيم نعمه .

تقبل الله صيامكم وعباداتكم وطاعاتكم, وكل عام وأنتم بخير.