منذ أن أعلن دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاقية النووية مع نظام الملالي، ازداد انعدام الأمان لدى الشركات التي تتعامل مع إيران. والصعوبة تطال على وجه الخصوص التحويلات المالية الثنائية.

أندرياس بوكسباوم له دراية بالأزمات والمشاكل، فرجل الأعمال هذا من مدينة دارمشتات يبيع الإنترنيت السريع عبر الأقمار الصناعية. وزبائنه يوجدون في بلدان مثل أفغانستان وباكستان والعربية السعودية. وكذلك في إيران. هناك، كما يقول يسود اهتمام كبير بالحصول على خدماته: عند شركات الطيران مثل IranAir و Mahan Air التي تعرض على ركابها ـ كما هي المقاييس الدولية ـ داخل الطائرة الإنترنيت.

عقبات متنوعة

وبالرغم من ذلك فإن تحقيق هذا النوع من التكليف يبقى خياليا، كما يقول بوكسباوم. وذلك لعدة أسباب. من جهة تحتوي تجهيزات الأقمار الصناعية الحديثة دوما على معدات أمريكية. ولا يمكن الحصول عليها في صادرات نحو إيران، أو أن المنتجين يرفضون التصدي، وتمويل الصفقات تحديدا يواجه صعوبات أكبر. وتكلف عملية تجهيز الطائرة بالإنترنيت ونظام الترفيه ستة إلى ثمانية ملايين يورو. وبالنسبة إلى أسطول لطائرات المسافات المتوسطة والطويلة يصل المبلغ بسرعة إلى 100 أو 200 مليون يورو. الوكلاء الايرانيون لا يملكون هذه المبالغ في خزائنهم..

البنوك لا تريد أن تحترق أصابعها

لكن الصفقات في أو مع إيران تتفاداها وتخشاها المصارف الكبيرة على وجه الخصوص كخشية الشيطان من الماء المقدس. والسبب هو الخوف، لأن غالبية البنوك لها في الولايات المتحدة الأمريكية فروع تخشى مواجهة صعوبات هناك وخسارة بعض الصفقات. وإذا كان مصرف ما مجبرا على الاختيار بين إيران وبين الولايات المتحدة الأمريكية، فليس هناك في العادة تفكير طويل. فالسوق الأمريكية مهمة للغاية مقارنة مع إيران التي تضم 80 مليون نسمة .

ليست مشكلة جديدة

وتمويل التكاليف أو تسديد تكاليف الشحنات إلى إيران شكل دوما في السنوات الماضية عقبة أساسية. وعلى هذا النحو كانت توقعات الاقتصاد عالية على كلا الجانبين عندما تم في يوليو 2015 التوقيع على الاتفاقية النووية مع إيران. وحصلت أيضا بسرعة اتصالات ومباحثات ومخططات لاستثمارات.

لكن حتى بعد إلغاء العقوبات الدولية رسميا، ظل قطاع المال متحفظا. ونظام الدفع الدولي الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن أبدا في الحقيقة جاهزا لإدارة صفقات مع شركات إيرانية. وصرف العملة الإيرانية الريال إلى اليورو أو الدولار لم يشتغل بصفة موثوقة. وقبل أسابيع قليلة أمرت الحكومة الإيرانية بإغلاق سلسلة من محلات الصرافة وصعًبت صرف العملات، لاسيما لأسباب إيديولوجية. وقيل بأن أصحاب الصرافة سيدمرون الاقتصاد الإيراني.

المستقبل مبهم

وحتى حسام غنجفيان أدرك الصعوبة التي تواجهها شركات إيرانية لإدارة صفقات على الساحة الدولية. فرجل الأعمال الإيراني يبيع تقنية الطب والبرمجيات. ومنتجاته، كما سمع ذلك مرارا في المعارض، يمكن لها بدون إشكال مجابهة مثيلاتها في المنافسة من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. لكنه أُجبر باستمرار في السنوات الماضية أولا على إزاحة بعض الشكوك لدى شركاء تجاريين. وغالبا ما يلعب هنا الخوف دورا في خشية أن ينجم عن الصفقات مع شركات إيرانية مساوئ في أماكن أخرى .

وبعدما انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاقية النووية بين المجتمع الدولي وإيران وفرض عقوبات جديدة، يتوقع حسام غنجفيان شروطا عامة أصعب. لكنه أوضح أن الوضع يقدم أيضا فرصا، لأنه بعد سنوات طويلة من خيبة الأمل ستعرف الشركات الإيرانية الآن من هم شركاؤها الحقيقيون.