رُبّ عدوٍّ عاقل خيرٌ ألف مرة من خمسة أصدقاء جاهلين وغافلين
 

أولاً: دلالات العودة لنتائج هذه الدائرة الانتخابية

 

نعود للحديث عن انتخابات دائرة الجنوب الثالثة (بنت جبيل- حاصبيا مرجعيون- النبطية)، لما خلّفتهُ من ندوبٍ عميقة في جسم المعارضة الشيعية، ولما لها من أثرٍ سلبيّ على الحقب القادمة، فنتائج انتخابات الدائرة المُخيّبة للآمال، كان من الممكن أن تمُرّ بسلام كغيرها من الحملات الانتخابية التي لا تُكلّل بالنّصر، لو أنّها لم تنته بفضائح مُخزية ومُحبطة لا تليقُ بمعارضة أو موالاة.

 

إقرأ أيضا : فاطمة غول ضيفة على اللبنانيين لسنة إضافية جديدة

 

ثانياً: بداية خائبة..أحمد الأسعد...

 

بدأ حملة الجنوب الثالثة المعارض البارز السيد أحمد الأسعد، والذي يحاول جاهداً وراثة مجد آبائه وأجداده بلا طائل، وللأسف كانت بداية فاشلة وتُنبئ بنتائج مُخيّبة، فقد سارع لإعلان لائحة من وجوهٍ مغمورة، ومن خارج الجنوب (فندق خمس نجوم)، وبدا واضحاً أنّ التّسرُّع في الإعلان لم يكن سوى دعاية باهتة وغير مُجدية لشخصه، لا تُقدّم ولا تؤخّر في مجريات معركة انتخابية قاسية في معقل الزعامة الأسعدية القديمة، وما لبث أن أكمل خيبتهُ بترشيح آخرين سعياً لتكوين ائتلاف انتخابي يتمتّع بالحدّ الأدنى من جدارة مواجهة الثنائية الشيعية، إلاّ أنّ هؤلاء المرشحين سرعان ما انقلبوا عليه، وتبرّأوا منه ومن تاريخ أسرته وأجداده، ليولد بعدها مشروع لائحة جديدة، بانضمام مرشّح القوات اللبنانية لها، واختارت إسماً لها: "شبعنا حكي" ، وهي لائحة غير مكتملة ، تضم في صفوفها إعلاميّين وناشطين معارضين، إلاّ أنّ "الفساد المالي" سرعان ما سرى في صفوفها حسب اتّهامات بعض أعضائها، ولعلّ مرشّح القوات السيد سلامة هو المظلوم والمغبون الوحيد في انتخابات الدائرة كلّها.

 

إقرأ أيضا : توجّه لحصار جبران باسيل في المرحلة المقبلة

 

ثالثاً: الخيبة الثانية: اللائحة الشيوعية...

 

بعد مخاضٍ عسير، وُلدت لائحة الثنائية الشيوعية (الحزب والمنظمة، على منوال ثنائية الحزب والحركة)، وأولى خيباتها كانت إضاعة وقتٍ طويل وثمينٍ قبل إعلانها، ولعلّ أبرز دلالات فشلها عدم سعيها، أو تمكُّنها من التحالف مع قوى أخرى فاعلة في المنطقة ( القوات اللبنانية، التيار العوني، المستقبل، قوى يصمونها بالاقطاع السياسي)، وهكذا بدت اللائحة فقيرة ومعزولة ومهيضة الجناح، فضلاً عمّا كانت قد أنجزتهُ الثنائية الشيعية من محاربةٍ واجتثاثٍ للفكر الشيوعي طوال نصف قرنٍ من الزمن في بيئة محافظة ومتديّنة، ذات استلهام جهادي ومأساوي، ولم يكن مفاجئاً ما جنتهُ لائحة الشيوعيين من خيباتٍ وإحباطات.

 

إقرأ أيضا : إنتخابات الجنوب الثالثة : لوائح متعدّدة والرهان على رفع نسبة الإقتراع

 

رابعاً: لائحة الثنائية الشيعية..الإنتصار الباهر...

 

أخرجت الثنائية الشيعية (حزب الله وحركة أمل) لائحتها بيُسرٍ وسلاسة، وقدّمتها لجمهورٍ طائعٍ ومُخلص، جمهور لا يجد أمامه سوى قبول وتصديق كل ما يزعمهُ أهل العصبيات من مقالاتٍ في كلّ زمانٍ ومكان، مقالات الحرب والمناضلة والمبارزة، أي مقالات التعبئة والكردسة، ووجهها الآخر مقالات مهاجمة الخصم والطّعن بولائه للجماعة أولاً، وللوطن تالياً، وبعبارةٍ واحدة: تخوينُه.

فازت لائحة موالاة السلطة (حزباً وحركة)، فهنيئاً لها بهذه "المعارضات"، وهنيئاً لنا بفوزها الساطع، فرُبّ عدوٍّ عاقل خيرٌ ألف مرة من خمسة أصدقاء جاهلين وغافلين.