ما جرى في بعلبك وبعض المناطق منذ أسبوع هو مؤشر خطير وخطير جداً وينذر بعواقب وخيمة
 

مرّت الإنتخابات النيابية  في منطقة بعلبك الهرمل بسلام على الرغم من الشوائب العديدة التي رافقتها ، إلا أنها تميزت على الرغم من الحالة التهويلية التي سادت خلال الحملة الانتخابية ، حيث توقع بعض المراقبين بأنها ستكون أم المعارك ،ففاز من فاز ونتوجه لهم جميعاً بالتهنئة ، ورسب من رسب ونقول لهم حظاً موفقاً في الاستحقاقات القادمة .
لكن اللافت للنظر والمريب تماماً في الوقت عينه حالة الفلتان الأمني التي تسود المدينة وأحيائها . خصوصاً بعد إطفاء محركات الماكينات الانتخابية وكل الصخب الذي رافقها ،فنهار الأمس تميزت مدينة بعلبك بحالة من المشاهد الميليشياوية التي لم تألفها المدينة في عز حالات الفوضى حيث حصل سلسلة من التصرفات المسيئة لعراقة وتاريخ المدينة ،بدأً بعملية إطلاق النار على منزل الشيخ عباس الجوهري رجل الدين المعتدل والمعارض لسياسات " حزب الله" والذي أُخرج قسراً من التنافس الانتخابي وربما لأهداف ليست خافية على أحد . مروراً بعمليات إطلاق نار على بعض المحلات التجارية التي تعود ملكيتها لبعض أبناء المدينة .لتبلغ ذروتها ليلاً بحرق أحد المنازل في أحد أحياء المدينة .
ماذا يعني هذا ؟ هل ما يجري يمكن اعتباره أحداثاً منفصلة تعود أسبابها إلى خلافات فردية ؟ أم أنها تأتي في إطار تنفيذ لتهديدات أطلقت أثناء الحملات الانتخابية والتي وصلت لحد إجراء محاسبة لأولئك الذين اتخذوا مواقف معارضة لممارسات من بيده الحل والربط في المنطقة .نحن هنا لسنا في معرض توجيه الاتهام لأحد لكننا نتسائل عن معنى لهذه التصرفات المخجلة والتي تسيئ للجميع ، ولنفترض بأنها معزولة تماماً عن أي إستهداف سياسي ، ألا يوجد في المدينة عقلاء وأصحاب رأي وخبرة وتجربة من أجل وضع حد لمثل هكذا تصرفات مسيئة لأبسط قواعد العلاقات الإنسانية كإحترام حق "الجيرة" مثلاً أم أنها إستجابة لاستهدافات تطال بعض رموز المعارضة في المدينة . سنفترض حُسن النية جرياً على القاعدة التي تقول " إحمل اخاك على سبعين محمل حسن" "وأن بعض الظن إثم" لكن وقبل أي شيئ المطلوب من القوى التي تعتبر نفسها بانها الممثلة الاكثر تمثيلاً للمجتمع والتي كان في صلب حملتها الانتخابية انها رفعت شعار" نحمي ونبني " بان تضع حداً لمثل هكذا تصرفات وذلك من خلال عدم تدخلها في عمل الاجهزة الامنية والقضائية في المدينة ،من دون التلكؤ وإستخدام مفرداتها الممجوجة بأنها ترفع الغطاء عن المخلين بالأمن لكن التقصير من أجهزة الدولة فأنتم من يمنع أجهزة الدولة من أن تقوم بواجبها لكثرة التدخلات والاتصالات التي تنهمر على المعنيين من ان هذا الشخص مثالاً للنزاهة والاستقامة وهو من المجاهدين الأبرار الذين حموا الأرض والعرض وأعادوا الكرامة المسلوبة للناس .

أقرا أيضا:  الإنتخابات ونتائجها وعُقد تشكيل الحكومة

 

بالله عليكم وأنتم من اختار اسمه العزيز عنواناً لحراكم ان تحترموا عقول الناس لأنكم أنتم وأنتم وحدكم المسؤول الأول والأخير عن كل ما يجري ليس في بعلبك والمنطقة فحسب بل على مستوى الوطن كله . نذكركم يا سادة بكلام الأمين العام لحزبكم الذي قال في سياق البرنامج الانتخابي للحزب أن من أولويات عمل نواب الحزب محاربة الفساد . هل ما جرى ويجري في بعلبك وعموم المنطقة يعبر عن شكل من اشكال محاربة الفساد أم ان الحجة دائماً جاهزة بانه يوجد عناصر في المجتمع غير منضبطة . انكم يا سادة تتعاملون مع النتائج دون معالجة الاسباب لانه في الاساس هذه الممارسات تخدم مصالح البعض لديكم ان البحث في الاسباب هو الاولوية يا سادة قبل الحديث عن النتائج .ومعالجة الاسباب تكمن بالدرجة الاولى في تأمين حال من الاستقرار الامني والاقتصادي والاجتماعي ، حينها وحينها فقط يمكن استئصال حالات التخلف السائدة وحالات الفلتان من فئات مهمشة وعاطلة عن العمل ولا سبيل امامها الا ممارسة الرذيلة والسلبية وذلك بالنظر الى انعدام فرص العمل والتعليم امامها . نعم ان محاربة الفساد تنطلق بالدرجة الاولى من خلال ردم الهوة بين المواطنين وسلطة القانون، ومن خلال تحفيز الناس على احترام القوانين مرعية الاجراء ،ومن خلال البحث الجدي في أسباب تردي الاوضاع الامنية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتربوية . أما دون ذلك فستبقى الامور على سابق عهدها وهي مرشحة للمزيد من أعمال السوء. إن ما جرى في بعلبك بالأمس وما جرى في بيروت وبعض المناطق منذ أسبوع لهو مؤشر خطير وخطير جداً وينذر بعواقب وخيمة على رغم من حملات الادانة الواسعة لمثل تلك التصرفات لان الادانة وحدها لا تكفي لأن المطلوب أولاً وأخيراً عدم تصنيف الناس الى صنف من أشرف الناس وصنف آخر من أرذل الناس لأن البشر خلقهم الله جميعاً أحراراً . وعلى صورته ومثاله ، كما أذكركم أخيراً بموقف سيد الأحرار الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بموقفه من الخوارج إذ أنه لم يمنع عنهم مسجداً ولم يمنع عنهم حقوقهم من بيت مال المسلمين فأين أنتم من مواقف أبا الحسنين ؟فاتعظوا لأن الغلبة والإستقواء لا يدوم .