قرارات الرئيس سعد الحريري لها خلفية ليست فقط إنتخابية
 

ما أن ألقت معارك الانتخابات النيابية بأثقالها وانقشع غبار نتائجها التي جاءت خلاف حسابات التيار الأزرق ومخيبة لرئيسه سعد الحريري. بحيث تراجع عدد أعضاء كتلته النيابية من واحد وثلاثين نائبا إلى واحد وعشرين مقابل تقدم خصمه السياسي الثنائي الشيعي "حزب الله" و "حركة أمل" الذي فاز بسبعة وعشرين مقعدًا نيابيًا حسب الحصيلة النهائية الصادرة عن وزارة الداخلية والبلديات، حتى بادر الرئيس سعد الحريري إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي وخاصة في المجموعة الخاصة المقربة منه والتي تولت قيادة الماكينة الإنتخابية. 
وقضت الإجراءات التنظيمية التي اتخذها الرئيس الحريري بحل هيئة شؤون الانتخابات والماكينة الانتخابية والهيئات التنظيمية القيادية في منسقية بيروت ومنسقيات عدد من المناطق على أن الأهم والبارز هو إقدام مدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري على تقديم استقالته من منصبه التي قبلت وتم تعيين محمد منيمنة بديلًا عنه بالوكالة، إضافة إلى إعفاء مدير دائرة المتابعة في مكتب الرئيس السيد ماهر ابو الخدود من مهامه، وأيضًا إعفاء وسام الحريري من مسؤولياته في هيئة شؤون الانتخابات. 

إقرأ ايضًا: الشعب هو المهزوم في الإنتخابات
وفي المعلومات الواردة من أوساط تيار المستقبل أن هذه القرارات جاءت بغالبيتها لأسباب تتعلق بفشل هذه الهيئات في إدارة العمليات الانتخابية في معظم المناطق اللبنانية وخاصة في العاصمة بيروت والتي أدت حكمًا إلى تراجع عدد نواب كتلة التيار، يضاف إلى ذلك مسألة التراجع في الإقبال على عملية الاقتراع فضلًا عن تمكن عدد من المرشحين في اللوائح المناوئة للوائح تيار المستقبل من اختراق هذه اللوائح وخصوصًا في بيروت وفي البقاع الغربي والبقاع الأوسط ودائرة الشمال الثالثة "الكورة والبترون وزغرتا وبشري".
لكن وعلى الرغم من الاختراق الذي حصل في لائحتي التيار في طرابلس وعكار _ وإن كان محدودًا _ فإن قرار حل المنسقيات لم يشمل هاتين المنطقتين الأمر الذي يوحي إلى أن قرارات الرئيس سعد الحريري لها خلفية ليست فقط إنتخابية وإنما لها خلفية سياسية بامتياز، وتعود إلى ما تردد سابقًا عن طلب سعودي بإخراج نادر الحريري من مركز القرار في تيار المستقبل وهذه الخطوة أقدم عليها الرئيس الحريري اليوم بعدما استمهل القيادة السعودية التأخير للوقت المناسب والإخراج المناسب بغية حفظ ماء الوجه للجميع. 

إقرأ أيضًا: لبنان في مؤتمر بروكسل .. هل يُمهّد المؤتمر لنهاية سعيدة لأزمة النازحين السوريين؟
فاستقالة نادر الحريري تمت بمفعول رجعي وفي مناخ انتخابي وفي أجواء ضبابية لكنها تشكل أحد بنود اتفاق الرئيس سعد الحريري مع القادة في المملكة العربية السعودية وبالتالي فإنها قد لا تقف عند حدود استقالة نادر الحريري بل ربما تطال شخصيات أخرى مستقبلًا. 
مصادر على إطلاع واسع على ما يدور في مقر إقامة الرئيس الحريري في بيت الوسط ذكرت أن نادر الحريري كان وراء اختيار مرشحين في بيروت لا قاعدة شعبية لهم وقد شكل ذلك عبئا على لائحة سعد الحريري فخسر مقعدين سنيين في تلك الدائرة الأول لمصلحة الحزب والآخر لمصلحة رجل الأعمال فؤاد مخزومي الخصم السياسي لتيار المستقبل. 
وقالت تلك المصادر أن المأخذ الأكبر على نادر هو ارتباط اسمه بعمليات فساد والعلاقة التي أقامها مع جبران باسيل صهر الرئيس ميشال عون. والذي أصبح الزعيم الفعلي للتيار الوطني الحر وقد ترتب عن ذلك تباعد بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية. 
لا شك أن خطوة الرئيس الحريري لا يمكن وصفها الا بالخطوة الجريئة، وبإصراره على الإمساك بتيار المستقبل دون منازع ولا شريك، على أن يبقى التيار هو الرقم الصعب على الساحتين الوطنية والسنية.