أصدر المجلس الدستوري أمس قراراً أبطل بموجبه مواد عدة من قانون الموازنة بما فيها المادة 49. فما تأثير قرار الإبطال على القطاعات التي طاولها؟ وكيف يمكن تفسيرُ ما سوّق له بعض النواب على أنّ موازنة 2018 تحمل الكثير من الإصلاحات فيما يشوبها العديد من المخالفات القابلة للطعن؟
 

أبطل المجلس الدستوري أمس 7 مواد من قانون الموازنة بأكثرية 9/10، واعتراض نائب الرئيس القاضي طارق زيادة الذي طالب بضرورة إبطال المادة 87 التي تنصّ على وجوب قطع الحساب قبل نشر قانون الموازنة. وردّ المجلس الدستوري الطعن بشأن مخالفة المادة 87 من الدستور كما ردّ الطعن بالفصل الثاني من قانون الموازنة والبابَين الثالث والرابع.

وممّا جاء في تفصيل ردّ الطعن: «بما أنّ قانون الموازنة العامة يختلف بطبيعته عن القوانين العادية ولا يجوز بالتالي أن تعدل هذه القوانين من ضمنه، لأنّ في ذلك خروجاً على أصول التشريع، لذلك تُعتبر المواد 14 و35 و43 و49 و51 و52 مخالفة للدستور.

قرّر المجلس الدستوري بالأكثرية:

أولاً - في الشكل:

قبول المراجعة الواردة في المهلة القانونية مستوفية جميع الشروط الشكلية المطلوبة،

ثانياً - في الأساس:


1 - ردّ مراجعة الطعن في القانون رقم 79 تاريخ 18 نيسان 2018، لجهة الأسباب المدلى بها بشأن مخالفة المادة 87 من الدستور، ومخالفة أحكام المادتين 32 و83 والفقرتين (ج) و(د) من مقدمة الدستور، ولجهة إبطال الفصل الثاني من القانون المطعون فيه وردّ مراجعة الطعن أيضاً بشأن إبطال المادة 13 من القانون المطعون فيه، والباب الثالث والباب الرابع برمّتهما من القانون نفسه.


2 - إبطال المواد 14 و26 و35 و43 و49 و51 و52 من القانون المطعون فيه.

ثالثاً- إبلاغ هذا القرار الى المراجع الرسمية المختصة ونشره في الجريدة الرسمية.

ضاهر

وتعليقاً على هذا القرار، رحّب رئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين كريم ضاهر بقرار المجلس الدستوري، واصفاً إياه بالتاريخي وأنه بهذه الخطوة أعاد تصويبَ العمل التشريعي، خصوصاً بما يتعلق بقانون الموازنة. وأكّد أنه بعد هذا الإبطال فإنّ أحداً لن يتجرّأ على التطاول على قوانين الموازنة في المرحلة المقبلة وإدخال اليها ما يتناسب مع الخطابات الانتخابية والمصالح الخاصة.

وأوضح عبر «الجمهورية» أنّ قانون الموازنة هو نصّ يتضمّن إقرار السلطة التشريعية لمشروع الموازنة، ويجب أن يحتوي على أحكام أساسية تقضي بتقدير النفقات والواردات للعام المقبل وفتح الاعتمادات اللازمة للإنفاق وعلى احكام خاصة تقتصر على ما له علاقة مباشرة بتنفيذ الموازنة أي ما يُعرف بتوازن الموازنة (أي الاجازة للدولة بالاقتراض في حال العجز) وكل ما يخرج عن ذلك ولا يمتّ الى قانون الموازنة بصلة يُعتبر فرسان الموازنة، مثل التدابير الإدارية والإجرائية، مثل خلق هيئة ناظمة لقطاع معيّن، تغيير في دوامات العمل، العطلة القضائية، تسوية مخالفة البناء....

أما بالنسبة الى البنود التي أبطلها القانون، تطرّق ضاهر الى إبطال المادة 35 والتي تنصّ على إمكانية مالك العقار تسوية المخالفات المرتكبة على عقاره، وقال: إنّ هذه المادة المذكورة في قانون الموازنة في 3 أسطر فقط تحتاج الى نقاش مطوَّل ودرس في اللجان النيابية، وبإبطاله أعاد المجلس الدستوري تصويب الامور بصورة نهائية.

أما بالنسبة الى إبطال قانون التسوية الضريبية، أشار ضاهر أنّ هذا القانون ساوى ما بين المكلفين، بحيث إنّ قانون التسوية أعطى حقّاً لكل المخالفين وساوى الصالح بالباطل، لذا نحن نعتبر أنّ هذه التسوية هي اكبر عملية تطاول على الحق، لأنه بموجب هذا القانون نطوي صفحة مَن لم يصرّح يوماً وكان مخالفاً مع تدفيعه مبالغ زهيدة مقطوعة تتراوح ما بين 150 الفاً و 3 ملايين ليرة، أما الذي كان يصرّح طوال هذه الفترة ولم يخالف القانون فيدفع وفق رقم الأعمال مبالغ أكبر. كما نصت المادة 8 من هذا قانون التسوية هذا على تحذيرٍ أو تخويفٍ للذي لم يخالف بالقول أنه إذا لم تدخل في هذه التسوية، ستقوم وزارة المالية بدرس اعمالك فيما تعطي للمخالفين براءة ذمّة.

وراى ضاهر أنه كان يجب إبطال الفصل الرابع بكامله من الموازنة مع كل ما تتضمّنه من بنود، لأنّ جميعها ذات طابع إداري، منها: المادة 39 والتي تنصّ على إصدار إجازات عمل للعاملين غير اللبنانيين لمدة سنتين، المادة 40 والتي تنصّ على غصدار جواز إقامة للعمل لغير اللبنانيين الحائزين على اجازة عمل لمدة سنتين، المادة 41 وتنصّ على إعفاء اللاعبين العرب والأجانب الذين يتمّ التعاقد معهم من قبل الاندية من اشتراكات صندوق الضمان ورسوم المرور والإقامة واجازة العمل..

الأسمر

ومع إعلان الطعن بالمادة 49 سارع رئيس الاتّحاد العمالي العام بشارة الاسمر الى إصدار بيان شكر فيه المجلس الدستوري على هذا الإنجاز، واعرب عن امتنانه لجميع الذين رفعوا الصوت بوجه المادة 49 «المقنعة» من مراجع دينية وسياسية وعلى رأسها الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي.

كما حذّر من إعادة صياغة مواد أو قوانين أخرى مقنّعة على غرار المادة 49 من قانون الموازنة والتي تمسّ الواقع الوطني والاجتماعي للبنانيين كافة «لأنّ مصيرها سيكون كمصير ما سبقها بتصدٍّ مباشر من الاتّحاد العمالي العام ومن الغيارى على حقوق اللبنانيين من مراجع دينية وسياسية».

ودعا الى صياغة جديدة لقانون تملّك الأجانب في لبنان وإنشاء وزارة للإسكان والتصميم مع خطة سكنية شاملة، مرفقة بإحياء قروض سكنية للعمال والعسكريّين وذوي الدخل المحدود ومتوسطي الدخل، وقانون إيجار عصري يراعي حقّ المالك بملكه وحقّ المستأجر بالسكن بعيداً من التهجير.

وعن رأيه ببقية المواد المطعون بها، لا سيما المادة 51 والمتعلقة بالطعن بدوام العمل الأسبوعي لموظفي القطاع العام، قال الأسمر للـ«الجمهورية»: إنّ السلسلة أُعطيت كبدل غلاء معيشة لموظفي القطاع العام والمؤسسات والمصالح المستقلّة والمؤسسات العامة وليس كبدل زيادة ساعات العمل.

أما وقد أُبطلت فسيكون لنا موقف آخر بعد مراجعة الامر مع رابطة العاملين بالقطاع العام وهيئة التنسيق النقابية. أما عن إبطال المادة 43 والمتعلّقة بإلغاء عدد من المؤسسات العامة، فشدّد الاسمر على أنّ الأهم في هذا الموضوع ألّا يكون الدمج في حال اعتمد على حساب اليد العاملة بل تأمين استمرارية عمل موظفي القطاع العام وبالمصالح المستقلة.