تدشن الولايات المتحدة الاثنين سفارتها في القدس لتحقق الوعد المثير للجدل الذي اطلقه الرئيس دونالد ترامب رغم الاستنكار الدولي والغضب الفلسطيني منذ أشهر وفي ما يشكل قطيعة مع السياسة الاميركية في هذا الصدد
 

وتشارك ابنة ترامب ايفانكا مع زوجها جاريد كوشنر وكلاهما مستشاران للرئيس الى جانب مئات الشخصيات من البلدين في مراسم التدشين المقررة اعتبارا من الساعة الرابعة بعد الظهر، والتي تأتي على خلفية قلق عميق حول استقرار الوضع الاقليمي.

وفي الوقت نفسه، وعلى بعد عشرات الكيلومترات، اندلعت مواجهات صباح الاثنين على الحدود بين قطاع غزة واسرائيل، ما ادى الى استشهاد فلسطيني اصابة 28 فلسطينيا بجروح بحسب ما أوردت وزارة الصحة الفلسطينية، بينهم خمسة صحافيين فلسطينيين اصيبوا بالرصاص.

وتجمّع آلاف الفلسطينيين في مناطق مختلفة على طول الحدود، وحاول عدد منهم الاقتراب من السياج الأمني وقاموا بالقاء الحجارة باتجاه الجنود الذين ردوا باطلاق النار.

واعلن الجيش الاسرائيلي وضع قواته في حالة تأهب قصوى. وقال السبت انه سيضاعف عدد وحدات جيشه المقاتلة حول قطاع غزة وفي الضفة الغربية المحتلة، كما ستتم تعبئة نحو الف شرطي اسرائيلي في القدس لضمان الامن في السفارة ومحيطها.

ويشكل نقل السفارة وهو أحد وعود الحملة الانتخابية لترامب قطيعة مع عقود من السياسة الاميركية والاجماع الدولي اذ يعتبر وضع القدس احدى أكثر المسائل الشائكة في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.

"نكبة جديدة"

يتم تدشين السفارة الاميركية في احتفال الاثنين 14 ايار يتزامن قبل يوم من الذكرى السبعين للنكبة، عندما تهجر ونزح أكثر من 760 ألف فلسطيني في حرب 1948، ويتزامن أيضاً مع ما يسمى الذكرى السبعين "لقيام دولة اسرائيل".

وصرح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الاحد "ستبقى القدس عاصمة لاسرائيل مهما كان اتفاق السلام الذي تتصورونه".

الا ان المبادرة الاميركية الاحادية الجانب تثير غضب الفلسطينيين اذ تشكل تكريسا للموقف المنحاز بشكل واضح برأيهم للجانب الاسرائيلي والذي يتبناه ترامب منذ توليه منصبه في 2017، وتجاهلا لمطالبهم حول القدس.

واحتلت اسرائيل الشطر الشرقي من القدس عام 1967 ثم اعلنت العام 1980 القدس برمتها "عاصمة ابدية" في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

ويرغب الفلسطينيون في جعل القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.

وكان اعلان ترامب في 6 كانون الاول 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل ابيب الى القدس، اثار غبطة الاسرائيليين وغضب الفلسطينيين.

ولا تزال الاسرة الدولية تعتبر القدس الشرقية ارضا محتلة وانه من غير المفترض اقامة سفارات في المدينة طالما لم يتم البت في وضعها عبر التفاوض بين الجانبين المعنيين.

بينما أعلن رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني الاثنين ان الادارة الاميركية تتصرف ب"عدم نضج" وتنتهج "أسلوب المغامرة".

ورأت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي ان افتتاح السفارة في القدس "نكبة جديدة" تحل بالشعب الفلسطيني.

واكدت عشراوي في بيان ان "هذا الانتهاك المتعمد للوضع القانوني للقدس يشكل خرقا فاضحا لسيادة القانون الدولي، ويطعن في مصداقية ومكانة الولايات المتحدة في العالم، ويدفع نحو تغذية التطرف والعنف وعدم الاستقرار".

ودعا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري الاحد في تسجيل فيديو الاحد الى "الجهاد" مؤكدا ان القرار الاميركي دليل على ان المفاوضات وسياسة "الاسترضاء" خذلت الفلسطينيين.

 "صديق لصهيون" 

ونددت 128 دولة من اصل 193 في الجمعية العامة للامم المتحدة بالقرار الاميركي ومن بينها دول حليفة للولايات المتحدة على غرار فرنسا وبريطانيا، في تصويت أثار غضب واشنطن وتهديدا بالرد من قبل سفيرتها لدى الامم المتحدة نيكي هايلي.

الا ان الاستنكار الذي اثارته المبادرة الاميركية من جانب واحد هدأ على ما يبدو وشوارع القدس مليئة بالاعلام الاميركية والاسرائيلية بينما شوهدت لافتات كتب عليها "ترامب أعِد لاسرائيل عظمتها" و"ترامب صديق لصهيون".

ويأتي تدشين السفارة الذي سيتم في مبنى القنصلية بانتظار تشييد مقر جديد في فترة حساسة جدا. فالفلسطينيون يعتبرون ان الموعد الذي يتزامن قبل يوم على ذكرى النكبة يشكل "استفزازا".

ويحاذي مبنى السفارة حي جبل المكبر بالقدس الشرقية المحتلة الذي يسكنه عدد من منفذي الهجمات المسلحة، بما فيها هجوم نفذ عام 2015 أسفر عن مقتل إسرائيليين، ومواطن اسرائيلي يحمل الجنسية الاميركية.

وتشهد غزة منذ 30 اذار مسيرات العودة التي يشارك فيها الاف الفلسطينيين الذين يتجمعون على الحدود والتي شهدت مقتل 54 فلسطينيا بايدي الجيش الاسرائيلي.

وتتهم اسرائيل حركة حماس التي تسيطر على القطاع، باستخدام هذه المسيرات ذريعة للتسبب باعمال عنف. كما يقول الجيش الاسرائيلي انه لا يستخدم الرصاص الحي الا كحل اخير.

وتهدف "مسيرة العودة" ايضا الى التنديد بالحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ اكثر من عشر سنوات.

ولم يحدث القرار الاميركي بنقل السفارة حتى الان الاثر الذي كانت ترجوه اسرائيل اذ لم تعلن سوى دولتان هما غواتيمالا وباراغواي انهما ستقومان بالامر نفسه.