شكّل معظم الأفرقاء السياسيين كتلهم النيابية بالتباهي بالأحجام وعدد نواب هذه الكتلة أو تلك بأسلوب صبياني مثير
 

لا تستغربوا العنوان لأن لبنان بلد العجائب، وما يحصل في لبنان قد لا نجد له مثيلا في كل دول العالم من حيث التركيبة الطائفية والسياسية من جهة ومن حيث نوعية الرؤساء والزعماء والمسؤولين من جهة ثانية، هؤلاء المسؤولين بخلفياتهم الطائفية والحزبية يجعلون من لبنان بمؤسساته الدستورية والسياسية مطية لشتى أنواع الأهواء والمصالح حتى بات الحزب أو الطائفة أولوية على حساب المؤسسات والدولة والجمهورية.
خرجت الإنتخابات النيابية بنتائج جديدة على مستوى المجلس النيابي وشكّل معظم الأفرقاء السياسيين كتلهم النيابية بالتباهي بالأحجام وعدد نواب هذه الكتلة أو تلك بأسلوب صبياني مثير، وغلبت نشوة الإنتصار والأحجام بعض الأحزاب للحديث عن حصة الحزب في الحكومة من خلال ما وصل إليه عدد أعضاء الكتلة النيابية، قد يكون الأمر طبيعيًا أو دستوريًا وهو كذلك إذ يجري تشكيل الحكومة حسب الأحجام الجديدة في التركيبة النيابية، إلا أن ما صدر عن الأحزاب خلال اليومين الماضيين من تحديد كل حزب حصته في الحكومة المزمع تشكيلها بعد 20 أيار أمر يدعو للتساؤل عن حجم هذه الحكومة المرتقبة وهل يعني ذلك أننا أمام حكومة مؤلفة من خمسين وزيرًا مثلًا؟

إقرأ أيضًا: ماذا بقي من الخطاب الإنتخابي غير التحريض؟
في قراءة سريعة للتشكيلات الحكومة في أهم دول العالم نجد أن عدد الوزراء في الحكومة الأمريكية التي يبلغ حجم اقتصادها 16 تريليون دولار (أكبر اقتصاد) هو 14 وزيرًا، ويبلغ عدد الوزراء في اليابان التي يبلغ حجم اقتصادها 6 تريليون دولار (ثالث اقتصاد) 14 وزيرًا هذا وينص الدستور الياباني أن العدد الأقصى للوزراء هو 17 وزيرًا!!! 
وتقوم مبادىء تشكيل هذه الحكومات على ما يسمى في الادارة نطاق التحكم ويتناسب ذلك مع القدرة على التحكم بمعنى كلما زاد التحكم كلما أصبح سريان الدم أو تدفق المعلومات في الحكومة ينقصه الدقة والمصداقية وبالتالي يصعب العمل والمتابعة وكلما زاد عدد الوزارات كلما شكل ذلك عبئًا إضافيًا على مواد وإقتصاد الدولة.
أما في لبنان فالأمور مختلفة تمامًا إذ لا قواعد إدارية ولا مبادىء واضحة لأي تشكيلة حكومية وأن كل الإعتبارات تعود إلى الحصص الحزبية والحصص الطائفية وحصص الزعامات والشخصيات، الأمر الذي الذي نجده مع كل تشكيلة حكومية حيث تكثر الصراعات على الأحجام والحصص من منطلقات حزبية وطائفية محضة دون أي اعتبار للحاجة الفعلية أو عدمها.