انتهت الانتخابات النيابية في السادس من أيار برسم مشهد جديد للواقع السياسي اللبناني من خلال الكتل النيابية الفائزة ودخول عدد كبير من النواب الجدد إلى البرلمان (63 نائباً)، وسيكون لهذه الانتخابات تداعيات مستقبلية على التحالفات بين مختلف القوى والأحزاب اللبنانية.
وأدى اعتماد النسبية في القانون الجديد الى عودة عدد كبير من الشخصيات السياسية إلى البرلمان بعد أن فشلت في ذلك في الانتخابات الماضية (2005 و2009)، كذلك أسهمت الانتخابات بتعزيز كتل وأحزاب (القوات اللبنانية، حركة أمل وحزب الله)، تيار العزم، وتقلص بعض الكتل الكبيرة (تيار المستقبل، الوطني الحر)، فيما حافظت كتل وأحزاب على قوتها (الحزب التقدمي الاشتراكي، تيار المردة، الحزب السوري القومي الاجتماعي)، وتراجع دور حزب الكتائب، وفشلت بعض الشخصيات السياسية في العودة الى المجلس النيابي (بطرس حرب، نقولا فتوش)، ودخلت الى البرلمان شخصيات سياسية وحزبية، منها فيصل كرامي، أسامة سعد، عبد الرحيم مراد، إيلي الفرزلي، فؤاد مخزومي.
وفشل الوزير أشرف ريفي في الدخول الى البرلمان رغم ما حققه سابقاً في الانتخابات البلدية، وخرجت الجماعة الإسلامية من البرلمان، فيما نجح الأحباش بالعودة إلى البرلمان.
فكيف كانت نتائج الانتخابات النيابية وكيف توزعت الكتل النيابية الجديدة؟ وهل سنكون أمام تحالفات جديدة تُسهم في رسم المشهد السياسي اللبناني في المرحلة المقبلة؟
توزُّع البرلمان الجديد
بداية كيف توزعت الكتل والأحزاب والشخصيات في البرلمان الجديد؟
1- تيار المستقبل كان أبرز الخاسرين وأصبحت كتلته 20 نائباً.
2- التيار الوطني الحر تراجعت كتلته النيابية الى 20 نائباً، ولكن مع بقية الحلفاء والأصدقاء قد تصبح 29 نائباً وهي الكتلة الأكبر.
4- حركة أمل (14 نائباً) وحزب الله (13 نائباً) وقد ينضم عدد من النواب الى كتلة حركة أمل وكتلة التنمية والتحرير).
5- القوات اللبنانية نجحت في الحصول على كتلة نيابية كبيرة (15 نائباً) وهي الفائز الأكبر في الانتخابات.
6- الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي حصدا كتلة نيابية من 19 نائباً وبذلك صمدا في وجه الضغوط ودخل تيمور جنبلاط بقوة إلى البرلمان.
7- حزب الكتائب أصبحت كتلته 3 نواب.
8- تيار العزم برئاسة نجيب ميقاتي (4 نواب).
9- تيار المردة (3 نواب) بزعامة طوني سليمان فرنجية.
10- الحزب السوري القومي الاجتماعي (3 نواب).
11- حزب سبعة (المجتمع المدني) نائب (بولا يعقوبيان).
12- حزب الطاشناق (3 نواب).
ونجح النائب ميشال المر في الحفاظ على مقعده، وعاد إلى البرلمان عبد الرحيم مراد، فيصل كرامي، جهاد الصمد، إيلي الفرزلي، عدنان طرابلسي، فريد هيكل الخازن، جان عبيد، أسامة سعد... ودخلت وجوه جديدة: ابراهيم عازار، مصطفى الحسيني، نعمة افرام، فؤاد مخزومي.
التحالفات الجديدة
لكن ماذا عن التحالفات في المرحلة الجديدة؟ وكيف ستنعكس هذه التحالفات على صورة المشهد السياسي؟
التحالف الأقوى الثابت خلال الانتخابات ومن بعدها هو التحالف الثنائي بين حركة أمل وحزب الله، وقد ينضم إليهما عدد من النواب المستقلين وسيكون لهما الدور الأقوى في إعادة انتخاب الرئيس نبيه بري برئاسة مجلس النواب.
والتحالف الثنائي الذي يتوقع استمراره سيكون بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، وذلك من أجل اعادة ترشيح الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة بعد ان أكد الأخير استمرار تعاونه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وقد أعلن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ترشيح الحريري لرئاسة الحكومة.
الحزب التقدمي الاشتراكي لم يحسم تحالفاته السياسية، وإن كانت العلاقة بين رئيس الحزب وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري مستمرة، إضافة إلى التعاون الانتخابي مع القوات اللبنانية وتيار المستقبل، لكن الحزب واللقاء الديمقراطي سيقوده في المرحلة المقبلة تيمور جنبلاط وسيحدد تحالفاته مستقبلاً مع استمرار دور والده وليد جنبلاط مؤثراً في المشهد السياسي.
القوات اللبنانية لم تحسم تحالفاتها السياسية وهي لديها مشكلة مع «تيار المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، وإن كان دورها سيزداد فعالية في المرحلة المقبلة بسبب زيادة كتلتها النيابية.
الرئيس نجيب ميقاتي عاد الى المشهد السياسي بقوة من خلال كتلة من أربعة نواب ويمكن ان ينضم الى تحالفات جديدة لتشكيل كتلة وسطية تلعب دوراً مؤثراً في المرحلة المقبلة.
تيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي والشخصيات السنّية المعارضة لتيار المستقبل ستكون أقرب الى تحالف حركة أمل وحزب الله، وهذا سيشكل كتلة نيابية تضم 47 نائباً.
وبالنسبة إلى حزب الكتائب فقد يشكل كتلة نيابية مع عدد من الشخصيات المستقلة بالتعاون مع حزب سبعة (الممثل ببولا يعقوبيان)، إضافة إلى فريد هيكل الخازن ومصطفى الحسيني.
ومع ان التيار الوطني الحر أكد استمرار تحالفه مع حزب الله، فإن هذا التحالف قد يواجه بعض الاشكالات بسبب استمرار تأزم العلاقة بين التيار الوطني والرئيس نبيه بري، وبسبب التحالف القوي بين التيار الوطني وتيار المستقبل.
إذن، سنكون أمام خريطة جديدة للتحالفات، وهذا سينعكس على تشكيل الحكومة المقبلة، بعد انتخاب رئيس جديد للبرلمان واختيار المرشح لتشكيل الحكومة.
وبانتظار تبلور الصورة النهائية للتحالفات، فإن الانتخابات النيابية والقانون الجديد الذي اعتمد تحتاجان لتقييم موسع وشامل لمعرفة الثغرات والاشكالات والبحث في كيفية تطوير العملية الانتخابية كي تحقق التمثيل الأفضل مستقبلاً.