الخناق السياسي سيشتد على باسيل لردعه من الذهاب بعيدا في خياراته السياسية
 

 

تبدو الخارطة السياسية في لبنان بعد الإنتخابات معقّدة نوعا ما لعدة عوامل ساهمت مرحلة ما بعد الإنتخابات وفترة ما بعد التسوية الرئاسية في خلقها .

ومن المؤكد حتى الآن أن حلفي " ٨ آذار " و " ١٤ آذار " سقطا دون رجعة ، والمعايير التي تُسهم في ولادة أي تحالف أو تفاهم سياسي أصبحت مُغايرة .

أبرز هذه المعايير ، هو الوزير جبران باسيل ، الذي على أساس الخصومة أو الصداقة معه ، باتت تدور رحى التفاهمات الجديدة في الحياة السياسية اللبنانية .

ومشكل باسيل اليوم ليس مقتصرا فقط على خلافه مع الرئيس نبيه بري ، فهو مُصطدم مع " القوات اللبنانية " و " الحزب التقدمي الإشتراكي " و الشخصيات المسيحية المستقلة و " تيار المردة " ، إضافة إلى حالة الجفاء التي بدأت تتسع بينه وبين " حزب الله " في الآونة الأخيرة .

 

إقرأ أيضا : أول بيان قوي لكتلة الجمهورية القوية من معراب..السيادة وحفظ المال العام

 

 

وفي قراءة سريعة لحلفاء باسيل في الحياة السياسية اللبنانية ، نرى أن " تيار المستقبل " أو بالأحرى الرئيس سعد الحريري ، الوحيد الذي يربطه تفاهم ومصالح مشتركة مع رئيس " التيار الوطني الحر ".

وصحيح أن المصيبة تجمع بين التيارين الأزرق والبرتقالي ، إلا أن مصيبة باسيل في حياكة تفاهمات سياسية مع قوى أساسية في البلد تبدو أصعب حتى هذه اللحظة ، حتى لو حاول تشكيل تكتل " لبنان القوي " للتغطية على عمق أزمته ، إلا أن هذا التكتل هو عبارة عن تفاهمات مع شخصيات سياسية لا أحزاب وازنة ، بإستثناء حزب " الطاشناق "، قد تتخلّى عنه في أي لحظة.

من هنا يواجه باسيل تحالف سياسي كبير في البلد سيعمل على حصاره في المرحلة المقبلة وإضعافه ، وأبرز مكونات هذا التحالف هي " حركة أمل " و " الحزب التقدمي الإشتراكي " و " القوات اللبنانية " و " تيار المردة " والشخصيات السنية والمسيحية المستقلة .

وهدف هذا التحالف هو عرقلة كل محاولات باسيل للسيطرة على الدولة والهيمنة على القرار السياسي ، وأول هدف سيكون تعطيل مفاعيل تفاهم الأستاذ نادر الحريري والوزير جبران باسيل ، لأنه القاعدة الأساسية للتسوية الرئاسية التي أنتجت معها سلة تفاهمات حكمت البلد في آخر عامين .

 

إقرأ أيضا : عرف النبيه مكانه فتدلل

 

بالمقابل ، سيلعب باسيل على خطين ، الأول تثبيت تفاهمه مع الحريري من خلال دعم بعضهما البعض ، والثاني محاولة إصلاح الخلل الذي حصل على خط العلاقة مع الحزب .

وفي حال نجح باسيل في ذلك ، فسيقلب الطاولة على خصومه ، لكن نجاح ذلك متوقف على قرار من حارة حريك .

لا شك أن الحزب إزدادت هواجسه من تصرفات باسيل الأخيرة في الأشهر الماضية ، وهو سيحاول كبح جماح طموحات رئيس التيار ، لكن لن يكسره كرمى لعيون الرئيس ميشال عون ، فالحزب بالأخير لن يُضحي بالغطاء المسيحي الذي يوفّره التيار الوطني الحر .

في الوقت نفسه ، سيعمل الحزب على حياكة تفاهمات جديدة مع قوى مسيحية وازنة ك " القوات اللبنانية " تحت عناوين محاربة الفساد والتصدي للصفقات ، دون التطرّق لموضوع السلاح ، بل تأجيل البحث فيه إلى وقت إنعقاد طاولة الحوار للبحث في الإستراتيجية الدفاعية .

 

إقرأ أيضا : نبض الشارع المسيحي بيد القوات اللبنانية بعد الإنتخابات

 

وهدف الحزب من هذه الخطوة لو حصلت ، هي إشعار باسيل ومن خلفه بعبدا ، بأن هناك بديل مسيحي جاهز أن يتم الحوار معه في أي لحظة وبعيدا عن أي محظورات سياسية .

وبهذه الخطوة ، سيستطيع الحزب تليين بعض مواقف باسيل والسيطرة عليه ، مستفيدا هو الآخر من التحالف السياسي العريض الذي سيقوده الرئيس نبيه بري .

بالمحصلة ، الخناق السياسي سيشتد على باسيل لردعه من الذهاب بعيدا في خياراته السياسية ، خصوصا أنّه لم يعد يقود أقوى حزب مسيحي في لبنان ، فالقوات وبلغة الأرقام في الإنتخابات أثبتت أنّها الأقوى .