وحده الرئيس بري لم ينفق من جيبه فلساً واحداً على الانتخابات النيابية
 

قال هارون الرشيد للغيمة التي تمرّ فوق سماء دولته: أنّى ذهبتي سيأتيني خراجك وقال نبيه بري لغيمة الانتخابات النيابية أنّى مررتي ستأتيني نتائجك دون جهد ودون إسراف ودون خطابات رنّانة ودون تحريض طائفي ودون الدخول في ما دخلت فيه أحزاب الطوائف، لقد نأى بنفسه عما يجري بين الراكضين في شوارع الطوائف لتحصيل موقع نيابي وقرر البقاء في الموقف الوطني وعدم استخدام ما استخدمه المحرضون من أدوات فتن مذهبية وطائفية لتعبئة جمهور تجري في عروقه عصبية الطائفية وهو على جهوزية تامة للموت في سبيلها دون تردد.
كل من دخل العمل الانتخابي بذل ما بذل من أموال طائلة لا حصر لها وهنا أتحدث عن النفقات النيابية دون الحديث عن شراء الذمم كما تقول مصادر الخاسرين في الانتخابات ورغم ما يُشاع عن أزمات مالية تطال المستفيدين من المالين الايراني والسعودي فلقد هبّت عواصف مالية اجتاحت لبنان بطوائفه ومناطقه وبدا للعالم أنه أغنى الأغنياء ولا يحتاج الى هذه القمم الأوروبية لمساعدته كيّ ينهض من خطوط الفقر.

إقرأ أيضًا: بري في فمي ماء إنتخابي
وحده الرئيس بري لم ينفق من جيبه فلساً واحداً على الانتخابات النيابية فلقد دفعها عنه حليفه الحزب وبعض الميسورين في كتلة التنمية وقد أمّن له الحزب كل شيء من الصورة المختارة جيداً والتي وضعها فوق رؤوس السادة المرشحين الى الثناء والمدح اليوميّ له والدعاء بطول عمره من قبل أهل الأدعية في الحزب الى مصاريف متعددة ولا حصر لها كيّ يحصد الرئيس بري حصّة الأسد في انتخابات أرادها البعض كشفاً للأحجام والأوزان داخل كل طائفة من الطوائف كيّ تتبدّل واجهة التمثيل لها من زيد الى عمر. 
ربح الرئيس بري وكسب نوّاباً جُدُداً وزاد عدد نوّاب كتلته دون أن يحرك ساكناً فأتته نتائج الانتخابات راضية مرضية دون حركة وهذا استثناء في السياسة أن يكسب السياسي وهو جالس في بيته وهذا الربح الكبير يراد محاصرته أو الالتفاف عليه بدخول من لا يفقهون السياسة ويُجيدون التحريض بلعبة الأرقام ونصيب كل مرشح من الأصوات الجنوبية بحيث افتقد الحركيون للنسبة العالية من الأصوات في حين نال مرشحو الحزب النسب العالية والتي بلغت دنّى مستوى الحركة بكثير الأمر الذي اهتزّ له الجمهور الأكبر والأوسع داخل الطائفة والمنحاز بدمه لا بصوته فقط للرئيس بري دون غيره وهذا ما علقه الجنوبيون على صدورهم وفي ساحاتهم وعلى مداخل مدنهم وقراهم بأنهم ينتخبون الرئيس بالدم.

إقرأ أيضًا: خيّ بس إيجا بري الكهربا والميّ والفيّ 24 / 24
ثمّة من تحدث عن استياء الرئيس من اللاعبين بلعبة الأرقام من خلال الزهو فيها والافتخار بنتائجها الحزبية واعتبارها كشفاً عن تقدّم الحزب وتراجع الحركة الى مستوى متدني جداً قياساً على تقدّم الحزب وهذا الاستياء دفع الرئيس الى تأنيب المعنيين المسؤولين عن وصول صوت الناس الى صندوق الحزب وعدم الاكتفاء في ذلك بل ثمّة من يدّعي أن هناك إعادة هيكلة في جسم التنظم لسدّ الثغرات التي تنفذ منها الأخطاء لصالح الأخ الشريك والمستفيد منها بغية تصريفها في كسب السلطة.
يبدو أن الرهان على قراءة المشهد الانتخابي داخل الطائفة بين المعنيين سيكون في حدود العاملين والناشطين الميدانيين لا بين الجهات العليا لأسباب كثيرة تقف في مقدمتها عملية التسليم بالأمر الواقع الذي أفضى الى حيوية الحزب ودينامكيته والتي تحمل كل مكتسباتها الى الرئيس بري وهذا ما أرضى الرئيس وهذا الرضا سيستمر ما بقي الحزب بعيداً عن حصّة السلطة.
هناك من يدفع بقيادة الحزب الى أخذ حصّة من حصّة السلطة التي هي بيد الرئيس وهذا الدفع سيدفع مجدداً الى المرحلة التي دُفع فيها الحزب الى أخذ حصة من سلطة الحركة فكان ما كان من حرب ضروس واذا ما حسم الحزب خياره وقرر ترك تعففه القسري في السلطة ثمّة عودة جديدة لثنائية جاهزة لدفع فواتير عالية وغالية جداً.