في لحظة فرح إنتخابي كادت أن تشتعل نيران الطوائف وبعود كبريت صغير من الخاسرين أو الرابحين
 

 

بعد عدّة مؤتمرات صحفية تحدث فيها المسؤولون عن أمن الانتخابات ونظافة البلد من المشاكل والقلاقل وبعد أن اعتبروا الهدوء المصاحب للعملية الانتخابية علامة مضيئة في سماء حكومة التفاهم  سُرعان ما ضاع الأمن وسط عجقة الاحتفالات التي هزّت الطوائف من خلال الاعتداءات التي حصلت من عائشة بكّار الى الشويفات إضافة الى سيطرة المنتصرين على أنفسهم على الشوارع فأغلقوها وكأنها دكاكين تابعة لهم احتفاءً على طريقتهم بقطع الطرق إن من خلال المواكب السيّارة أو من خلال الطبل و الزمر في ساحات المدن و القرى وسط أجواء باذخة أمطرت فيها السماء أموالاً طائلة على المتهمرجين من كل الطوائف في ظل كساد اقتصادي لا مثيل له وخاصة في أشهر ما قبل الاستحقاق النيابي ولا أعرف كيف يتوفر المال في لحظة المنافسة والصراع السياسي وينكفأ في لحظة التفاهم وخفض الأصوات المرتفعة عادة تعبيراً منها عن عمالة هذا الفريق وخيانة هذه الجهة .

في لحظة فرح إنتخابي كادت أن تشتعل نيران الطوائف وبعود كبريت صغير من الخاسرين أو الرابحين لا همّ ما دامت النتيجة واحدة وهي إحراق الاستقرار الذي نعم فيه لبنان من خلال التفاهم الحكومي على ترك كل فريق على راحته دون التدخل في وجهة سيره السياسية و الأمنية ومتطلبات الأمن الاقليمي في الحروب الدائرة في المنطقة .

إقرأ أيضا : ماذا بقي من الخطاب الإنتخابي غير التحريض؟

 

غال المسؤولون في تدابيرهم وفي ضبطهم للأوضاع و أكثر ما يبكي و يضحك في آن هو الرضا و التسليم بالمشاكل واعتبارها قلاقل خاضعة للسيطرة أي أن المشاكل جزءً من خطة الأمن الاجتماعي و هذه فلسفة جديدة تتيحها أحزاب السلاح في لبنان باعتبارها محاكاة ضرورية في ما بينهم لتحسين شروط التفاهمات في ما بعد و بعيد هتك البلاد و العباد وباعتبارها مادة سجال لبنانية لا إمكانية للتفريط بها و إلاّ سقطت وظيفة السلاح بين اللبنانيين .

لقد اتضح وهن الأمن الاجتماعي ومدى استعداد جماهير الطوائف للموت تلبية لرغبة الخطابات المحرضة على قتال الآخر باعتباره عدواً وهذا برسم الطبقة السياسية التي تغذي النعرة الطائفية وتشحنها في نفوس أبناء الطوائف لجعلهم وقوداً في نار احترابهم الانتخابي و السياسي .

إقرأ أيضا : مفارقات غريبة عجيبة في الإنتخابات النيابية ... نائب يفوز ب ٧٧ صوت

 

لو عاد و مدّد المجلس لنفسه لكان أفضل ولربحنا أمننا وربحنا تجارتنا المغلقة منذ أزمة الانتخابات ولوفرنا هذه الأموال  الطائلة التي بُذلت في الداخل و الخارج من كل جيب لبناني ولما خضعنا لهذا الامتحان الطائفي البغيض ولما كان هناك من مبرر للشحن الطائفي وبالتالي ما كانت الضرورة واقفة على أرنبة الدستور خاصة و أن لا جديد يُذكر في نتائج الانتخابات فالقوى هي هي وناقص نائب من هنا وزيادة نائب من هناك لا يعني أن شيئًا في سياسة الاصلاح قد حصل فالفرقة النيابية هي ذاتها و التعديل من سنخ الشجرة وليس بغريب عنها لذلك لو تكرموا علينا بمجلس دائم وثابت ويتم فيه التعيين أيضاً  للنائب الذي يتوفاه الله بعد عمر مديد وطويل.  رحم الله جهابذة دول التصدي و الصمود كانوا يعينون دون انتخابات كما هو حال  أكثر النخب السلطوية في الشرق فلا انتخابات جديّة ولا من يحزنون مجرد حركات دعائية ومن ثمّ تسمي الأجهزة المختصة أسماء النواب و الوزراء وكبار الموظفين في الدولة و في حزب الدولة .

ويبدو أن هذا التقليد هو ديدن المحور الوريث لجماعة الصمود و التصدي فكفرهم بالديمقراطية ليس عبثاً بل هو إيماناً منهم بسوء الديمقراطية طالما أن التعيين يحلّ المشكلة وطالما أن الحاكم هو إله و احد وما هم الاّ دمى لا أكثر في لعبة السلطة .

 ريتهم يرتاحون قليلاً ويخففون عنهم أثقال ما حملوا من قضايا وعناوين تهُدُ الجبال فنستريح من أحمالهم الثقيلة لنلتقط أنفاسنا المقطوعة ما بين الصوت و الرصاصة.