تحالف حزب الله وحركة أمل يفوزون بـ 4 مقاعد، لتبلغ حصته البرلمانية 30 مقعدا، إضافة إلى فوز 7 مستقلين من خارج الطبقة السياسية التقليدية، في سابقة مهمة
 

استقرت دوامة الانتخابات البرلمانية اللبنانية على مشهد جديد في الساحة السياسية، شكل تراجع تيار المستقبل بزعامة رئيس الوزراء سعد الحريري أبرز ملامحه.

أظهرت النتائج فقدان تيار المستقبل 13 مقعدا، إذ تراجع تمثيله من 34 حاليا إلى 21، من أصل 128 مقعدا في المجلس. في المقابل، اكتسب التيار الوطني الحر، الذي ينتمي إليه رئيس البلاد ميشال عون 5 مقاعد، ليرتفع تمثيله إلى 26 مقعدا، فيما اكتسب تحالف حزب الله وحركة أمل 4 مقاعد، لتبلغ حصته البرلمانية 30 مقعدا، إضافة إلى فوز 7 مستقلين من خارج الطبقة السياسية التقليدية، في سابقة مهمة.

وفي ظل هذه الحسابات، فإن الطريق قد تبدو سالكة أمام التيار الشيعي حزب الله-أمل نحو تشكيل ائتلاف حكومي يتجاوز الحريري، الممثل الأبرز للسنة. ويكون ذلك، بطبيعة الحال، من خلال تجديد التفاهمات المستمرة منذ سنوات مع تيار عون، المعروف بـ”الجنرال”، تحت قبة البرلمان، إلا أن الحسابات اللبنانية ليست بتلك البساطة في أغلب الأحيان.

من جهة، لا يزال تحالف 14 آذار، المناهض لسياسات النظام السوري تجاه لبنان، وعلى رأسه تيار المستقبل، يمتلك الثلث المعطل، أي أكثر من 42 من مقاعد البرلمان. وساهم في ذلك تحقيق حزب القوات المنتمي للتحالف، بقيادة سمير جعجع، تقدما كبيرا، وفق النتائج الأولية، بحصده 15 مقعدا، مقارنة بـ8 في البرلمان الحالي.

وعبر الحريري، خلال مؤتمر صحافي، بالعاصمة بيروت، عن “ارتياحه للنتائج”، معتبرا أن قانون الانتخابات “أهم إنجاز” لحكومته. وأضاف “سأظل حليف الرئيس ميشيل عون، لأن هذا التحالف يؤمن الاستقرار”. وشدد على أن “لبنان لا يحكم إلاّ بجميع مكوناته السياسية، والذي يتكلم غير ذلك يضحك على نفسه، لذلك علينا أن نعمل مع بعضنا لبناء البلد”.

وتتوزع مقاعد البرلمان في لبنان، الذي ينتمي سكانه إلى 18 طائفة، مناصفة بين المسيحيين والمسلمين. ويتولى مسيحي ماروني رئاسة الجمهورية ومسلم سني رئاسة الحكومة فيما يرأس مسلم شيعي البرلمان.

ووفق الأعراف السياسية في البلاد، فإن ذلك يمكن الحريري، في إطار 14 آذار، من فرض نفسه لاعبا أساسيا في عملية تشكيل الحكومة واختيار رئيس البلاد، وهو ما يفتقد إليه التحالف الشيعي، إذا استثنيت تفاهماته مع تيار عون، وما لم تغير تيارات وازنة مواقفها في قادم الأيام، وخصوصا الحزب التقدمي الاشتراكي، بقيادة وليد جنبلاط، المعروف بتقلباته السياسية.

ومن جهة أخرى، فإن حاجة رئيس الوزراء الحالي إلى التفاهم مع العونيين للحفاظ على مكاسبه، واستعداده المحتمل لتقديم تنازلات موجعة، إضافة إلى نشوة “الجنرال” بنتائجه وعدم وجود حاجة ملحة إلى التحالف مع التيار الشيعي، قد تدفعه إلى إمساك العصا من الوسط، والمناورة بين الكتلتين لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة.

يضاف إلى ذلك استمرار المعادلة السياسية الإقليمية التي ساهمت في تشكيل المشهد اللبناني الحالي، والتي تمكن التيار الوطني الحر من فك رموزها إلى حد كبير، وساهم في إخراج البلاد من أزمة كبيرة كانت على وشك التفاقم في غمرة صراعات بين دول كبرى لها امتداداتها وأذرعها ومصالحها، وهو ما قد يساهم أيضا في ترجيح التيار مجددا خيار الحفاظ على التوازن في البلاد.

وستشكل الكتلة الكبيرة، التي استنكفت عن المشاركة في الاقتراع يوم 6 مايو، وتفوق الـ50 في المئة ممن يحق لهم التصويت، بحسب وزارة الداخلية، هاجسا أمام القوى التي حققت تقدما في هذه الانتخابات، خلال المرحلة المقبلة، وخصوصا القوى الشيعية، التي يتوقع ألا تغامر في استفزاز الناخبين بحلول الجولة القادمة، بعد 4 سنوات، إذ أنها تدرك أن أغلب المستنكفين يحسبون على التيارات الغريمة، وخصوصا تيار المستقبل.