تقدمت القوّات اللبنانية رغم الحصار المفروض عليها
 

تراجع التيّاران الحرّ والمستقبل انتخابياً رغم تحالفهما واستخدامهما لموقعهما في السلطة نتيجة إخفاقهما في تجربتهما السلطوية وهذا ما دفع مؤيديهما الى محاسبتهما في عملية الاقتراع التي أكلت من حصتيّهما ونفّست من تضخيمهما فما عاد يجديهما البحث عن القوّة  الطائفية في العهد بالنسبة للحرّ ولا في قوة الكتلة العروبية بالنسبة للمستقبل للمحافظة على هوية بيروت من الهوية الفارسية.
سقط التيّاران السقطة العجيبة في وحل الطائفية نفسها التي جبلوها بماء التحريض الطائفي كما فعل الآخرون من أهل الملل والنحل ولم تسعفهما صناديق اقتراع المغتربين التي بذلوا من أجلها أموالاً ستُدفع من جيوب اللبنانيين المرهقين بالدين السياسي وبديون أخرى متراكمة في بلد يعيش نصف أهله تحت خط الفقر.

إقرأ أيضًا: بري في فمي ماء إنتخابي
لقد تقدمت القوّات اللبنانية رغم الحصار المفروض عليها من التيارين ومن غيرهما وخاصة من قبل محور الممانعة الذي يستشيط غضباً كلما ذكرت القوّات اللبنانية وتُكهربت وجوه رموزه كلما ذُكر اسم حكيم القوّات باعتباره المحور الآخر والنقيض لمحور المقاومة والذي أثبت رجاحة عقل في اختبارات السلطة وهذا ما أكسبه سبق الانتخاب النيابي وهذا ما جعل منه الفائز الأوّل في انتخابات أيّار 2018.
فوز القوّات يعني مشاركة أكبر وأوسع في السلطة وهذا ما سيفرض على خصومها خفض الصوّت العالي ضدّها والبدء معها بعلاقة جديدة وجيدة وهذا ما بدر في الخطابات الأولى للمعنيين بعيد نتائج الانتخابات والتي مدّت يدّ التعاون مع الجميع لأن لبنان لا يُحكم من قبل طرف و احد بل يحكم من قبل الجميع وهذا الحكي السياسي ليس بجديد لكنه جدي وقد فرضته الانتخابات النيابية التي قالت للجميع وبصريح الورقة الانتخابية أنه لا يمكن لطرف أو لمحور أو لحزب أو لطائفة أو لجهة أو لأي مسمى من التسميات اللبنانية أن يسود وحده في الصندوق الانتخابي وأن المجلس النيابي لا يمكن فتحه وإغلاقه بمفتاح واحد وأن القوّة العسكرية والمالية ليست بكافية لخلق مجلس نيابي براية واحدة وبلون واحد وأن لبنان يتركيبته أقوى من الأقوياء ولا يمكن التحكّم به لأنه مبني على الاختلاف.
فوز مرشح القوّات في بعلبك الهرمل صاعقة سياسية لحزب وضع كل امكانياته لاسقاط مرشح القوّات وإخفاقه دلالة على ضعف القوي وعلى أن القوّة مصدر عجز في كثير من الأمور ولا يمكن الاعتماد عليها فقط لأخذ ما يجب أخذه كما هو حال المتمسكين بقوّة السلاح فحزب القوّات مقارنة مع حزب الممانعة لا شيء اذا ما وضع الحزبان في كفتيّ ميزان وخاصة في المنطقة المذكورة ورغم ذلك فاز الضعيف على القوي بهذا المعنى من الضعف والقوّة وعلى حزب الممانعة بداية التعايش مع الخسارة السياسية التي مني بها في منطقة حصرية وخاضعة بالكامل لنفوذه و سيطرته وبداية التعايش مع المختلفين معه كيّ يفهم أن اللبنانيين اتجاهات وهويات مختلفة ولا طائلة من بذل الأموال وتكبير القوّة لجعلهم أمّة محور واحد.

إقرأ أيضًا: بري ضمانة ضمانة ضمانة
كما أن فوز حزب القوّات سيقوي من حضوره في الوسط المسيحي وفي السلطة وفي المشهد السياسي وفي المشهدين العربي و الدولي وسيصبح عنواناً جاذباً للكثيرين من المراهنين على بروز قوى بديلة عن التيارات القائمة في مباني السلطة والتي أرهقتها وجعلت منها سلطة متسولة تبحث عن المساعدات العربية و الأجنبية لبقاء الدولة واقفة رغم انهيار الأعمدة.
هل ما تقدم هو غلو في فوز حزب القوّات كما يرى الكثيرون من المهتمين بدور هذا الحزب الجاذب لهم؟ سؤال متروك لإجابات قريبة وليست ببعيدة لمعرفة ذلك ولكن من المتيقن أن خفض الصوت المرتفع سببه الفشل في السيطرة لاستعصاء اللبنانيين على عصا السيطرة.