لقيت المعلومات التي عرضها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في شأن البرنامج النووي الإيراني، ترحيباً حاراً في الولايات المتحدة وفتوراً في أوروبا، ما فاقم انقساماً بين الحلفاء الغربيين، قبل إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 12 الشهر الجاري، قراره في شأن احتمال الانسحاب من الاتفاق النووي المُبرم بين طهران والدول الست (راجع ص 7).


وكان نتانياهو أعلن الإثنين أن إسرائيل تملك «أدلة قاطعة» على وجود خطة سرية يمكن لإيران تفعيلها في أي وقت، لامتلاك قنبلة ذرية. واعتبر أن الأدلة التي قدّمها، بعد الحصول على «وثائق» إيرانية تزن نحو «نصف طنّ»، تُظهر أن الاتفاق النووي مبني على «أكاذيب إيرانية».

لكن نتانياهو حرص أمس على تأكيد أن تل أبيب «لا تسعى» الى حرب مع طهران، مستدركاً ان «إيران هي التي تغيّر القواعد في المنطقة». وقال لشبكات تلفزة أميركية انه «يثق في حكم» ترامب، معتبراً أنه «سيفعل الأمر الصحيح». وكرّر أن الاتفاق النووي يحتاج إلى «تعديل كبير»، وزاد: «هذا النظام يمتلك برنامجاً سرياً للأسلحة النووية ويحاول امتلاك ترسانة نووية تحت مظلة اتفاق سيء جداً. يجب ألا يمتلكها. الأمر يحتاج الى اتفاق جديد».

وذكر مسؤول إسرائيلي بارز ان نتانياهو أبلغ ترامب الأدلة التي عرضها الاثنين، خلال اجتماعهما في واشنطن في 5 آذار (مارس) الماضي، مشيراً الى ان الرئيس الأميركي وافق على أن تنشر إسرائيل المعلومات قبل 12 الشهر الجاري.

ولفت وزير التنمية الإقليمية الإسرائيلي تساحي هنغبي الى ان ما عرضه نتانياهو يستهدف إعطاء ترامب مبرراً للانسحاب من الاتفاق النووي، وزاد: «ما فعله رئيس الوزراء أنه أمدّ ترامب بالذخيرة في مواجهة السذاجة والعزوف الأوروبيين، في ما يتعلّق بإيران».

لكن خبراء دوليين وإسرائيليين اعتبروا أن نتانياهو لم يقدّم دليلاً دامغاً على أن إيران تنتهك الاتفاق، وربطوا «العرض المسرحي» بمحاولته «التغطية على تورطه بمخالفات جنائية». ورأى المعلّق العسكري في موقع «ولا» الإسرائيلي أن «عرض الأوهام» الذي قدّمه نتانياهو، جاء بـ «جبل وثائق تمخّض عن ماضٍ معروف للجميع»، علماً ان الإسرائيليين رأوا في حصول الدولة العبرية على الوثائق الإيرانية، «إنجازاً» لجهاز الاستخبارات (موساد).

ورحّب ترامب ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بتصريحات نتانياهو. وسبّب البيت الأبيض إرباكاً، إذ اعتبر أن ما عرضه الأخير يُظهر أن لدى ايران برنامج أسلحة نووية سرياً، لكنه غيّر رأيه لاحقاً وقال ان طهران «كان لديها» برنامج مشابه و»حاولت إخفاءه عن العالم وشعبها، وفشلت». وأضاف ان «النظام الإيراني اظهر انه سيستخدم أسلحة مدمرة ضد جيرانه وآخرين. وعلى ايران ألا تمتلك إطلاقاً أسلحة نووية».

أما طهران فاعتبرت ان نتانياهو «كاذب فاشل»، وبومبيو متناقض، اذ اعتبر الشهر الماضي أن «لا ضرورة لقتل (الاتفاق النووي)، لأن إيران لم تكن تسعى إلى سلاح (نووي) قبل» إبرامه.

في فيينا، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها لا تملك «أي مؤشرٍ ذي صدقية الى نشاطات في إيران على ارتباط بتطوير قنبلة نووية بعد العام 2009». واعتبرت الخارجية الفرنسية أن أهمية الاتفاق النووي «تتعزّز بالعناصر التي قدمتها إسرائيل»، مضيفة أن هذه «المعلومات الجديدة يمكن أيضاً أن تؤكد ضرورة الضمانات الطويلة الأمد حول البرنامج الإيراني، التي اقترحها الرئيس» الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون رأى أن خطاب نتانياهو يشكّل «سبباً آخر جيداً للحفاظ على الاتفاق، في موازاة تطويره، لأخذ القلق المشروع للولايات المتحدة وحلفائنا الآخرين في الاعتبار». وشددت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي «لم يشكك في احترام إيران التزامات الاتفاق النووي»، مذكّرةً بأن الاتفاق «ليس مبنياً على فرضيات نيات حسنة أو ثقة»، بل «على التزامات ملموسة وآليات تحقق صارمة من الوقائع، تجريها الوكالة الذرية» التي تشير تقاريرها إلى أن «إيران احترمت تماماً التزاماتها».