عشاق الأعمال الروائية الممسرَحة على موعد مع «الانهيار» المقتبَسة عن «السقطة» La Chute، لِألبير كامو، في مسرح المدينة في السادس والعشرين والسابع والعشرين من الجاري، وقد عملت على إعدادها للخشبة الممثّلة المسرحية صوفيا هادي وتولّى الإخراج المسرحي زوجها نبيل لحلو.
 

وفي حديث خاص بالجمهورية، قالت هادي إنّ حكايتها بدأت مع La Chute، التي آثر المخرج ترجمتها «الانهيار» عوضاً عن «السقطة»، على اعتبار أنّ الانهيار يمكن تخطّيه بَيد أنّ السقطة قد تأتي قاضية، بدأت عام 2010 عندما أعدّت محاضرة بمناسبة مرور 50 عاماً على وفاة كامو حاكت فيها وجع الموت في روائعه. وعندها اقتُرِح عليها أن تُمسرِح السقطة، هي التي لعبت أدواراً ذكورية سابقاً في أعمال أخرى، لتؤدّي دور جان باتيست كلامانس القاضي التائب في سلسلة مونولوجات درامية بأسلوب كامو المؤثّر.

وفي نيسان من العام 2013، أبصر العرض النور للمرة الأولى بصيغته المطوَّلة، في مئوية كامو، ثمّ عملت هادي على إعادة مسرحته ليكون أقصر، بناءً على طلب المعهد الفرنسي.

نصّ بنكهة خاصة

في هذا الإطار، أكّدت هادي أنّها لعبت دائماً أدواراً حسّاسة في نصوص قوية في معانيها، إلّا أنّ لهذا النص نكهته الخاصة كونه يحاكي كلّاً منّا، بحيث نجد جميعاً ضالّتنا بين ثناياه التي تنضح وجعاً.

ولعلّ التحدّي الأبرز كان في نبرة الصوت التي ستستخدمها هادي في تجسيد شخصية كلامانس، فقد تعايشت معها إلى حدّ أنّها تعجز عن تكرار النص دون اعتمادها.

وبالحديث عن La Chute، تقول هادي إنّها عبارة عن مونولوج يتحدّث فيه البطل إلى شخصية وهمية، ندرك من خلال تعابيره احتمالات ردود هذه الشخصية الخيالية.

ولم يكن من السهل تقمصّ الدور في البداية، بحيث إنّه عليك أن تبحث وتمحّص في طرق ارتداء هذه الشخصية بالمعنى المجازي للكملة، أي أنّك ستتوغّل في ثنايا مكوّنها النفسي لتتمكّن من تجسيدها على الخشبة.

ومع أنّ هادي تملك رؤية مختلفة عن هاتيك السوداوية المتشائمة لِكامو، إلّا أنّها تعبّر عن ولعها بهذا النص الذي يكتنز الكثير من الحقائق الإنسانية الصرفة، إذ يسمح كل واحد منّا لنفسه بأن يحكم على الآخرين وهذا ما يرفضه كامو وترفضه هادي على لسانه.

في دور رجل

وعن أدائها لدور رجل في المسرحية، أكّدت هادي أنّ الأهمية لا تكمن في جنس الشخصية بقدر ما هي مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بصفات هذه الشخصية الإنسانية، وهذا هو الأهم بالنسبة لها كممثّلة مسرحية، إذ بحثت بعيداً عن الشخصية واستغرقها ذلك محاولات عدّة لتجد الطريقة الأنسب لتجسيدها على المسرح.

رغم طبيعتها التراجيدية، تؤكّد هادي أنّ هذه الشخصية الذكورية التي تقمّصتها تذكّرها بالرجال الذين تركوا أثرهم في حياتها، إذ كانت تجد ملامح معيّنة لكل رجل، أب، زوج وصديق، في مكوّناتها وهو ما سهّل عليها المهمة.

إنحياز إلى النص

أمّا بالنسبة لمسرحة النص، فتعتبر هادي أنّها انحازت إليه بأكمله، لدرجة صعب عليها اختيار ما تريده منه، بَيد أنّها آثرت اختيارَ كل ما يرتبط بكامو على الصعيد الشخصي، كعلاقته بالنساء ومشكلته مع سارتر، على سبيل المثل لا الحصر. وهي هنا تبحث عن كل ما وجدته أساسياً من وجهة نظرها. وفي هذا الإطار، تبرز جدليّة المهم والأكثر أهمية وشخصانيّة الاختيار.

ولعلّ أبرز ما يؤثّر في هادي هو الأثر الذي تتركه المسرحية في جيل الشباب الذي يملك اهتمامات مختلفة وينتمي إلى حقبة مختلفة.

ختاماً تقول هادي إنّ هناك جانباً قاتماً في الحياة الإنسانية، إلّا أنّه علينا أحياناً أن ننسج خيوط رؤية مختلفة للأمور. وهذا المونولوج المتماسك الذي يؤدّيه كلامانس على الخشبة ينضح بكل ذلك الوجع الذي تسبّبه السقطة والتي تصرّ هادي على أن لا شكّ سيكون هناك نهوض منها.

(منال عبد الأحد)