في جلسته مع الصحافيين الأميركيين، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن فشله في إقناع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران. والأهم أيضاً أن فرنسا لا تبدو متحمسة لمعاكسة ترامب في قراره، وحماية الاتفاق عبر تعويض إيران عن خسائرها. توقع ماكرون مسألتين في حديثه مع الصحافيين الأميركيين. أولاً، "برأيي إن رئيسكم سيتخلص من الاتفاق بنفسه ولأسباب محلية". ثانياً، "أعتقد بأن الولايات المتحدة ستقر عقوبات قاسية جداً بعد الانسحاب من الاتفاق في 12 أيار (مايو) المقبل". ترامب هنا يُفاوض، لا يُحارب، ويريد تكرار تجربته (غير الناضجة بعد) مع كوريا الشمالية. بحسب ماكرون، تقضي الاستراتيجية الأميركية بأن القسوة الشديدة تدفع الطرف الآخر الى التحرك، و"بإمكانك حينها ابرام صفقة جيدة أو أفضل".

وهناك ما يؤشر إلى أن هذه التصريحات تأتي في إطار مسار تفاوضي، سيما أن المساعي الأوروبية لتعديل الاتفاق لم تنته بعد. وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، وبعد تصريح ماكرون، نفى وجود قرار في هذا الشأن، بل ما زالت "المناقشات جارية في أوساط موظفي ​الأمن​ القومي والأشخاص المكلفين منا بتوفير النصائح للرئيس"، إذ أن "هناك بكل وضوح نقاطاً في الاتفاق النووي يمكن تحسينها. نعمل مع حلفائنا الأوروبيين على هذه الأمور حالياً". وربما تأتي الموافقة الفرنسية على ارسال قوات الى سوريا في اطار تفاهم أوسع على قضايا عدة منها تعديل الاتفاق وابقائه. إلا أن الايرانيين، وسيما بعد تصريح مرشد الثورة الايرانية علي خامنئي بأن بلاده لن ترضخ أبداً لترهيب الولايات المتحدة، لا يبدون على الموجة ذاتها، بل أقرب إلى التصعيد من التنازل.

في موازاة ذلك، ترسم اسرائيل خطاً أحمر جديداً في المنطقة. وزير دفاع دولة الاحتلال الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان ربط بين استهداف تل أبيب وبين ضرب طهران وتدمير "كل موقع عسكري إيراني يهدد إسرائيل في سورية، مهما كان الثمن". ورد هذا التهديد في مقابلة لافتة مع موقع "إيلاف"، تضمنت أيضاً حديثاً فاشياً عن تطهير "عرب 48" وهم من حاملي الجنسية الاسرائيلية، من مناطق سكنهم، ونقلهم الى الجانب العربي في إطار أي صفقة سلام اقليمية مقبلة.

غداة مقابلته الصحافية، غادر ليبرمان إلى الولايات المتحدة للقاء نظيره الأميركي جيمس ماتيس ومستشار الأمن القومي الجديد جون بولتون للبحث في قضايا أمنية. التوقيت مريب، سيما لو كانت الولايات المتحدة تتجه إلى الغاء الاتفاق. صحيفة "يديعوت أحرونوت" أوضحت أن "الهدف الرئيسي من زيارة ليبرمان هو التنسيق الأمني بين اسرائيل والولايات المتحدة في ضوء التطورات الخطيرة على صعيد التمدد الايراني في الشرق الأوسط وسوريا تحديداً". ما الهدف من زيارة أمنية على هذا المستوى قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن الغاء الاتفاق أو عدمه؟

جاء رد الإيرانيين على تصريح ليبرمان بالتهويل على لسان العميد حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري الإيراني. سلامي هدد بضرب العمق الاستراتيجي لاسرائيل، وألمح الى شعورها بالرعب من وجود قوات ايرانية على حدودها (سوريا ولبنان بالوكالة).

المهم أن أحداً من القادة السياسيين التقليديين في لبنان، ورغم همروجة الانتخابات، لم يتحدث عن، أو يبدأ مسعى لتحييد هذا البلد من صراع يلوح بالأفق. حتى ذلك الحين، نحن في قلب الصراع. والدليل هو تسريب  في الإعلام بأن قوى "8 آذار" تسعى الى تأمين كتلة سُنيّة من 6 نواب لتأمين بدائل عن رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ في حال الخلاف معه "على العناوين العريضة"!