شعارات، ووعود كثيرة ترافق الحملات الإنتخابية، ولو طُبق جزء قليل منها لأصبح لبنان جنّة على الأرض بعد 9 سنوات عجاف مرت علينا، فماذا سيحصل بعد 6 آيار؟!
 
أيام قليلة تفصلنا عن موعد الإستحقاق النيابي المحدّد في السادس من آيار المقبل، بعد تأجيل دام نحو تسع سنوات منذ إنتخابات العام 2009، جرى خلالها تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي ثلاث مرات.
تسع سنوات عجاف مرت علينا، انقلب لبنان خلالها ألف قلبة ومُنيَ بألف هزيمة وتبدلت أحواله من سيء إلى أسوأ.
عجائب وغرائب كثيرة مررنا بها فهي لا تُعد ولا تحصى، ولكن بعد مراجعتنا للشعارات الإنتخابية المنتشرة على كافة الأراضي اللبنانية، يعتقد لنا للوهلة الأولى أن سنوات القحط هذه سوف تنتهي على يد هؤلاء المرشحين، تيمنًا منهم بسورة يوسف (ص) التي تقول: "وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ"، وكأن جميعهم يعيشون في زمن النبي يوسف (ص)، لا يريدون من شعاراتهم الخيالية المستحيل تحقيقها سوى خداع الناس بأن سنوات التسع العجاف ستنتهي بعد 6 آيار، إضافةً إلى السبب الرئيسي الذي يتنافسوا عليه ألا وهو كسب صوتهم التفضيلي "اللعين".
ومع نهاية المجلس النيابي الحالي يمكننا عرض ما تركه هذا المجلس لنا كلبنانيين على طول تلك السنوات التسع:
 
عجائب وغرائب من السنوات التسع هذه:
 
- زيادة الدين العام: سوف يودعنا المجلس النيابي الحالي بدَين متراكم بقيمة 80 مليار دولار، وفوائد مدفوعة بقيمة 67 مليار دولار (ربما وصلت إلى 75 مليار دولار في نهاية 2017).
 
- أزمة النفايات: على الرغم من وجود أزمة فعلية للنفايات منذ سنين في لبنان، لكنها لم تظهر إلى العلن إلا في العام 2015، وذلك بعد انتشارها على الأراضي اللبنانية، وبعد التظاهرات المطلبية التي رافقت هذا الانتشار، وبعد تحركات كثيرة قام بها سكان الناعمة وفعالياتها مطالبين بإقفال المطمر، أدت إلى تحقيق مطلبهم نظرًا إلى أن هذا المطمر كان حلًا مؤقتًا، ونتج عن هذا الإقفال توقف شركة سوكلين عن جمع النفايات لعدم وجود مكان آخر لرميها، قبل أن ينتهي عقدها وعقد شركة سوكومي نهائيًا، وبالتالي غرقت البلاد في النفايات.
 
- شح المياه وتلوثها: يتصدّر ملفّ المياه والجفاف الذي يعاني منه لبنان، واجهة الإهتمامات المعيشية والإقتصادية وحتى الأمنية والسياسية اليوم، في ضوء التحذيرات من أزمة شحّ خطيرة مع تزايد الطلب على المياه إثر تدفق أكثر من مليون لاجىء سوري الى البلد.
إضافةً إلى ارتفاع نسبة تلوث المياه في ظلّ أزمة النفايات التي عاناها لبنان في السنوات الثلاث الأخيرة. 
 
- أزمة الكهرباء: عقود مرت وأزمة الكهرباء في لبنان لا تزال على حالها، ظلام دامس وتقنين متواصل تشتد ذروته في فصل الصيف كل عام مع تزايد الطلب، من دون أن تجد الحكومات المتعاقبة حلولًا تضع حدًّا لهذه المشكلة المزمنة التي تتصاعد عامًا بعد عام في ضوء اهتراء البنية التحتية للمعامل وعدم وجود خطط لبناء معامل.
 
- زحمة السير: هي الجحيم الصباحي الذي أصبح أساسًا يوميًا في حياة كل اللبنانيين، ساعات انتظار داخل السيارات لقطع مسافات لا تتجاوز الكيلومترات القليلة، وترتفع حدّة هذا الكابوس مع كل زخّة مطر، والنتيجة واحدة، حرق أعصاب، لا مواعيد في توقيتها المحدد، خسارة إنتاجية، وكلفة يومية تقدر بالملايين.
 
- الرصاص العشوائي والفلتان الأمني: إن ظاهرة السلاح المتفلت وتنامي سلوك العنف في مجتمعاتنا وارتباطهما بشكل طردي، لا يتركا مجالًا للشك في مدى خطورة الوضع وضرورة تدارك تداعياته، وبالرغم من تسليط الضوء على ظاهرة اطلاق النار العشوائي واستخدام السلاح المتفلت، يستمر سقوط الضحايا وتسجيل الدعوى ضد مجهول، واخر تلك الضحايا الشاب أسامه عبد الكريم عياش (17 عامًا) من بلدة فنيدق – طرابلس.
 
- أزمة النازحين السوريين: هي من أكثر القضايا سخونةً، وبعدما خرجَت عن الإطار الإنساني، أصبحَت قضية النازحين السوريين قضية سياسية عربية وعالمية بامتياز، فيما يقف لبنان عاجزًا أمام تداعياتها من دون أن يكون للدولة المفكَّكة أصلًا أيُّ دور في تنظيم دخول النازحين وإيوائهم وتصنيفهم، وبعدما شرّع لبنان حدودَه، سبَّب هزّةً لشعبه واقتصاده وأمنِه ومجتمعه، تحت ضغط ما يسمّى بالأزمة السورية، لتغدو تلك الأزمة من أخطر ما واجهه الشعب اللبناني في تاريخه.
 
إذًا.. شعارات، ووعود كثيرة ترافق الحملات الإنتخابية، ولو طُبق جزء قليل منها لأصبح لبنان جنّة عاد إليها أكثر من 11 مليون مهاجر لبناني في جميع القارات والأصقاع فُرضت عليهم الظروف الأمنية والسياسية والمعيشية لترك أرضهم بهدف إيجاد فرص عمل وحياة كريمة خارج وطنهم الأم.