ماكرون يتفق مع ترامب على تسوية الأزمة السورية ضمن إطار شامل يأخذ في الاعتبار الوجود الإيراني
 

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه لا يزال مصرّا على سحب قوات بلاده من سوريا، مشددا في الآن ذاته على أنه يريد ترك أثر قوي ودائم في هذا البلد، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول كيف سيحقق هذا الأثر في حال أخلى الساحة السورية أمام روسيا وإيران وتركيا؟

وأوضح ترامب خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، “أريد سحب القوات الأميركية من سوريا ولكن دون منح إيران فرصة الوصول إلى البحر المتوسط‎”.

وشدّد على أنه يبحث مع الشركاء التوصل إلى حل للقضية السورية ضمن إطار شامل يأخذ في الاعتبار الوجود الإيراني.

ولإيران حضور قوي في سوريا عبر المئات من عناصر الحرس الثوري الإيراني والعشرات من الميليشيات الموالية لها من جنسيات عدة.

وتسعى إيران إلى جانب دعم حليفها نظام الرئيس بشار الأسد إلى تكريس نفوذ دائم لها في هذا البلد وإقامة حزام أمني يمتد من العراق مرورا بسوريا وصولا إلى لبنان المطل على البحر المتوسط.

وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدوره خلال المؤتمر الصحافي أنه اتفق مع ترامب على أن أزمة سوريا ينبغي أن تكون جزءا من إطار أوسع في التعامل مع إيران.

ولم يعلق ماكرون على تجديد ترامب رغبته في الانسحاب من سوريا، الأمر الذي يطرح تساؤلا حول ما إذا كانت هناك خطة عمل جديدة سيتم اعتمادها في سوريا؟

وكانت أوساط دبلوماسية غربية أكدت في وقت سابق على أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيعمل خلال اجتماعه مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، إلى إقناع الأخير بوجوب عدم سحب القوات الأميركية من سوريا، بالنظر إلى تداعيات ذلك الخطيرة، سواء لجهة مكافحة الإرهاب وأيضا في علاقة بالهواجس المتعلقة بالوجود الإيراني في هذا البلد.

لافروف يؤكد أن الولايات المتحدة تعمل بنشاط على الانتشار شرقي الفرات، ولا تنوي الخروج من هناك

وصرح ماكرون خلال المؤتمر الصحافي  بأن “احتواء إيران في المنطقة إحدى الأولويات”، وبالتالي فإن انسحاب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا يتعارض مع هذا الهدف. وسبق وأن صرح الرئيس إيمانويل ماكرون بعيد ضربة فرنسية أميركية بريطانية على مواقع سورية يشتبه بتصنيعها أسلحة كيمياوية، بأنه نجح في إقناع الرئيس الأميركي بتعديل مواقفه من مغادرة هذا البلد الذي تحول إلى حلبة صراع دولية.

بيد أن البيت الأبيض سرعان ما نفى الأمر، مؤكدا أن الرئيس الأميركي لا يزال على موقفه.

وتوقعت مصادر غربية أن يكون ماكرون قد عرض خلال المباحثات خطة عمل لتلافي الخطوة الأميركية منها تعزيز المساهمة العسكرية الفرنسية في شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، عبر إرسال المزيد من العناصر إلى هناك.

ويشكل شمال شرق سوريا أهمية استراتيجية باعتباره يقع على الحدود مع كل من تركيا والعراق.

وتضع أنقرة نصب عينها التمدد في هذه المنطقة بداعي مقارعة التهديد الكردي، وقد أعلن عن ذلك صراحة الرئيس رجب طيب أردوغان، فيما تسعى إيران هي الأخرى إلى تعزيز حضورها في هذا الشطر بما يخدم تنفيذ مشروع الحزام الأمني الرابط بين العراق وسوريا ولبنان.

وفي وقت سابق قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إن الولايات المتحدة، خلافا لتصريحات الإدارة الأميرية، لا تنوي مغادرة سوريا.

وأوضح لافروف، في كلمة ألقاها خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء أن “الواقع عكس ذلك؛ حيث تعمل الولايات المتحدة بنشاط على الانتشار شرقي الفرات، ولا تنوي الخروج من هناك”.

وذكر أن “الولايات المتحدة أنشأت هناك سلطات محلية”. وأشار إلى أن فرنسا تشجع كذلك على هذه الخطوات، وأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا الولايات المتحدة إلى البقاء حتى تطبيع الأوضاع في سوريا.

وبدا واضحا أن الرئيس الفرنسي يسعى لتكريس بلاده كرقم صعب في المعادلة السورية، وقد حاول بداية طرح نفسه وسيطا بين روسيا والولايات المتحدة في هذا الملف، وأيضا طرح الوساطة بين الأكراد وتركيا، بيد أنه لم يجد التجاوب المطلوب، فكانت الخطوة الموالية هي تصدّر جبهة المناهضين لاستخدام النظام السوري للأسلحة الكيمياوية وترجم ذلك بشن فرنسا والولايات المتحدة بريطانيا هجوما على مواقع يشتبه باحتوائها لمواد كيمياوية في أبريل الجاري.

وأشاد ترامب الثلاثاء خلال المؤتمر الصحافي بهذا التعاون الثلاثي، حيث قال “اتخذنا عددا من القرارات المهمة في سوريا إلى جانب حلفائنا”. وأضاف “إلى جانب فرنسا وبريطانيا قمنا برد حازم (مطلع الأسبوع الماضي) على استعمال النظام السوري للأسلحة الكيمياوية (في دوما بغوطة دمش الشرقية في السابع من الشهر الجاري)”.

وتزامن اجتماع ماكرون وترامب مع انعقاد مؤتمر في بروكسل، يبحث سبل دعم المدنيين السوريين، خاصة في مناطق سيطرة المعارضة (إدلب مثلا) وأيضا في الدول المستضيفة للملايين منهم وبينها لبنان والأردن.