لا ينسى العسكري المتقاعد خالد الأسعد ابن الكواشرة عندما كان يعمل مع زملائه سنة 1997على نزع الألغام من محيط السفارة التركية في بعبدا، يوم عرف السفير التركي ابراهيم دجلّي أن الأسعد لبناني من أصول تركية، وضمه وبكى. 

يقول الأسعد "يومها تبللت بدلتي بدموعه". وبذلك، كان هو المنسق الأول للعلاقات التركمانية التركية بعد سقوط السلطنة العثمانية، ولا زالت العلاقات مستمرة ومتواصلة بين الطرفين حتى اليوم. 

يشكّل التركمان في لبنان قوة ناخبة في المناطق التي ينتمون لها لا سيما في شمال لبنان وتحديداً في محافظة عكار، وعادةً ما تغيب حملات الحج الانتخابية عن قراهم على عكس باقي قرى الاقليات الأخرى في لبنان، كون تيار المستقبل الذي اعتاد التركمان التصويت له يضمن وفاءهم التاريخي له.

يتوزّع تركمان لبنان على مناطق عدة في لبنان، تأتي عكار في مقدمتها، ويتركزون في قرى الكواشرة وعيدمون (أكبر قريتان للتركمان في لبنان)، الدبابية، الدوسة ووادي الجاموس. وفي البقاع يتواجدون في مدينة بعلبك، وقرى النعنية، الشحيمية، عدوس والحديدية. كما ينتشرون بأعداد أقل في كل من صيدا، القلمون، بيروت، طرابلس والضنية في قرية الحوارة.

أما أشهر العائلات التركمانية فهي غورلي، عيتاوي، كوجا، حريك، كاراهاميت، عثمان، كاسان وشريتح... 

ويعود تاريخ تواجد التركمان في عكار، كما يؤكد الأسعد لـ"ليبانون ديبايت" للعام 1516، إذ أنه وبعد عهد السلاجقة بدأت عشائر التركمان تأتي إلى لبنان، وجاء قسم كبير منها من آسيا الوسطى والأناضول، بهدف تأمين طريق الحجاز التجاري في عهد السلطان سليم الأول، كما جاء بعضهم إلى لبنان هربا من المُحل والجفاف في مناطقهم.

تتمتع قرية الكواشرة بسيط تركماني أكثر من غيرها كونها الضيعة الوحيدة غير المختلطة، أي كل سكانها من التركمان، وكونهم لازالوا يحافظون على العادات والتقاليد واللغة التركية.

وعن أعداد التركمان في لبنان يؤكد الأسعد أنه في العام 2009 تم إجراء إحصاء تقريبي للتركمان الذي أحصوا 30 ألف نسمة، أما اليوم "يتخطى عددهم الـ 40 ألف في كل لبنان، وتضم عكار تحديداً العدد الأكبر منهم، إذ أن عددهم يتراوح بين 15 و20 ألف نسمة".

وعُرف التركمان تاريخيا بالوفاء الانتخابي لتيار المستقبل منذ العام 1990، لا سيما أهل البقاع الذين قام الرئيس الشهيد رفيق الحريري بمنحهم الجنسية اللبنانية.

وعلى الساحة الانتخابية يبرز اسم المرشحة عن المقعد السني في عكار غولاي الأسعد على لائحة نساء عكار، وهي المرشحة التركمانية الوحيدة من أصل 583 مرشح، كما أنها المرشحة الأصغر سناً (مواليد العام 1992).

تؤكد الأسعد لـ"ليبانون ديبايت" أن الأقليات لم يكن لديهم يوماً عدم مبالاة بالانتخابات النيابية على صعيد الترشح، و"لكن كل ما في القضية أن هذه الأقليات إما أن تجد من يمد اليد لها ويكون لديه الإيمان بأن كل اللبنانيين ومن بينهم الأقليات يجب أن يكونوا ممثلين في المجلس النيابي، وإما أن يسيطر على الانتخابات من لا يأخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار، لا سيما على هذا القانون الذي يمنع ترشّح المستقلين".

وتقول الأسعد عن ترشيحها "انا لو لم يمد لي حزب 10452 ورئيسته رولا المراد اليد لما كنت استطعت خوض المعركة الانتخابية، وهو حزب يؤمن بضرورة مشاركة الأقليات بالحياة السياسية والسباق الانتخابي، وكذلك الأمر بالنسبة للفئات الشابة والنساء، بعكس الثقافة المنتشرة لدى الأحزاب التقليدية التي لا تقيم اعتباراً لحق الأقليات بالتمثل".
وتلفت إلى أن ما دفعها للتشرح هو الدفاع عن حق الأقليات بالتمثيل، وسبب أساسي وهم رئيسي يجمع كل أهالي عكار، وهو "الإهمال والحرمان اللذان يُشعراننا بأن عكار غير موجودة على الخريطة اللبنانية".