في اللحظة الخاطئة اختار الرئيس نجيب ميقاتي رئاسة الحكومة ،وفي اللحظة المماثلة اختار الاستقالة، مربكاً في اللحظتين تيار المستقبل، ووضع الأفرقاء الأعداء والأصدقاء في وضع لايحسدون عليه .ففريق 8 آذار سيجد صعوبة في توليف حكومة قادرة على تلبية شروطه ،وغير مزعجة للغرب، ومؤدية للحدَ الأدنى من التلازم مع المسار والمصير السوريين .وفريق 14آذار غير قادرعلى حسم خياراته الداخلية ،والتواصل سياسياً وسلطوياً تحت سقف السلاح مع فريق 8آذار، حتى يتمكن من العودة الى السلطة التي فقدها لحظة تجاوز خطوط التوازنات الدقيقة في لبنان ، واستشعاره لرياح التغير العربي عن بعد ، وآثر ذلك على التركيبة السياسية اللبنانية.
كما أن الوسطية الناشئة من مخاوف متعددة ،ستكون محرجة في تلبية شروطيَ الآذاريين ،فالرئاسة وجبهة الجبل ،غير قادرتين على اتمام أكثرية مصطدمة بالمجتمع العربي والدولي ،وأخرى مصطدمة بقوة الواقع،اذاً لقد خلط ميقاتي أوراق الجميع، وأصبح اللعب صعباً حتى مع دهقنين سياسيين . فالرئيس بري فقد كلَ الزوايا، والتدوير هنا ،لم يعد ينفع ،لأن اللعب أصبح مع الكبار، ولم تعد اللعبة حكراً على هواة جُدد مواليد الرابع عشر من آذار .كما أن جنبلاط المنتظر على تلَ الجبل مدعو الى الاختيار، والانخراط ،ولم تعد المرحلة مرحلة محاصصة وسلامة شخصية وطائفية، وبالتالي انتهى وقت العروضات السياسية.
ان النظام الذي خوَف اللبنانيين جميعاً، سواء كانوا معه أوعليه , هوخائف ولا يقدر على تهديد بعوضة،وهو يحتاج الى صلاة المؤمنين كي تُزاح عنه شدَة مؤمنين آخرين ،لذلك ثمة ادراك فعلي لمرحلة حسَاسة جداً يهتجس منها الجميع كونها قاب قوسين أو أدنى من لحظة الانفجار.
ربما ندرك المستحيل ، فنغادر صفوف الاصطفاف الطائفي الحاضر والجاهز لتلية دعوات ثأرية ،ونوفر على أنفسنا خسارات كبيرة، لن يربح فيها أحد ،كعادة المتحاربين في لبنان.فتكون طاولة الحوار طاولة لحكومة تنجينا من نار الفتنة ، وتضع حدَاً للانقسام والتصدع ، وتعيد انتاج شراكة سياسية متوازنة تلبي طموحات اللبنانيين . ربما، نقول ذلك ،مع علمنا ،أن كلَ حزب في لبنان يغني لمولاه.