انكشفت التحالفات الانتخابية بين القوى السياسية على حسابات صغيرة مصلحية ومالية وشخصية وبروتوكولية، تركت آثارها الكبيرة على علاقات القوى السياسية التي كانت حتى الامس القريب حليفة مع بعضها، ولا سيما بين "تيار المستقبل" وبين النائب وليد جنبلاط، وبين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، برغم التحالفات بينها في بعض الدوائر، هذا عدا التوترات بين هذه القوى الاربعة الكبيرة وبين قوى اخرى مثل"حزب الله" وحركة "امل" وحزب "الكتائب"، لكن يبدو ان هذه القوى باتت تحسب حسابات ابعد من مجرد ايصال كتلة نيابية كبيرة او وازنة في العمل البرلماني والسياسي.

ويبدو ان الاشكالات الانتخابية القائمة بين "المستقبل" والحزب التقدمي الاشتراكي وبين "التيار الحر والقوات" باتت اعمق من ان تعالج بعد الانتخابات بجلسات او لقاءات شخصية، طالما ان الانتخابات افرزت خيارات سياسية حادة حول امور اجرائية تتعلق اولا بإدارة الدولة وتوزيع الحصص، عدا الخلافات حول الامور الاستراتيجية كموضوع سلاح المقاومة والعلاقة مع سوريا وبعض دول الخليج، بينما الثابت ان العلاقات بين "امل والحزب الاشتراكي وحزب الله وتيار المردة والحزب القومي" - حسب مصادر هذه القوى - ستكون هي الراسخة في المرحة التي تلي الانتخابات، لجهة التعاطي مع القضايا السياسية الكبيرة ومع الامور التي ترعى التوازنات السياسية الكبيرة والدقيقة، وبالمقابل يبدو ان حلف تياري "المستقبل والوطني الحر" والحزب الديمقراطي اللبناني سيكون هو الثابت ايضا، ربطا بالعلاقة المقرر ان تستمر خلال ما تبقى من ولاية رئيس الجمهورية والاحتمال الاكبر بتسمية سعد الحريري لرئاسة الحكومة، وهنا يُطرح السؤال عما سيكون عليه وضع "القوات اللبنانية" في تحالفات ما بعد الانتخابات؟.
هذه الوقائع تفترض توقع تشكيل احلاف سياسية بين هذه القوى السياسية تكون هي الموجه لطبيعة المرحلة التي ستتحكم بالوضع اللبناني عموما وببعض التفاصيل السياسية والاجرائية، والتي تتوقع مصادر المسؤولين في تحالف امل وحزب الله والاشتراكي والقومي والمردة ان تشهد تجاذبات حادة، لاسيما بالنسبة لما تصفه المصادر "محاولات عودة هيمنة المارونية السياسية بوجوه جديدة يمثلها التيار الحر، وهو الامر الذي لن يسمح به لا نبيه بري ولا وليد جنبلاط تحت اي ظرف وتحت اي غطاء، خاصة لجهة محاولة إضعاف جنبلاط في اللعبة السياسية وتعويم طرف درزي اخر".
ولذلك تشي بعض الوقائع الانتخابية في تفاصيلها بصورة ما يمكن ان يكون عليه الوضع، حيث قرر الحزب القومي وتيار "المردة" و"حزب الوعد" مثلا اعطاء اصوات ناخبيهم في دائرة بعبد للائحة تحالف "امل وحزب الله والتيار الوطني والحزب الديمقراطي"، لكن مع اعطاء الصوت التفضيلي لمرشح "امل" فادي علامة، وهذا مؤشر على طبيعة العلاقة الفاترة بين هذه الاطراف وبين "التيار الحر". في حين يخشى النائب حنبلاط شن حرب من "المستقبل والتيار الحر" على مرشحه في الشوف الدكتور بلال عبد الله لاسقاطه في الانتخابات.
ولهذا قال كلُّ من وليد وتيمور جنبلاط وبعض مسؤولي الحزب الاشتراكي خلال اليومين الماضيين: ان المشاركة إمّا تكون كاملة وحقيقية في كل الامور او لا تكون.