النيابة ليست وظيفة، بل هي خدمة عامة، هي صفة تمثيلية
 

لو أُتيح لي أن أقترع في هذه الإنتخابات التي يسمع الشعب اللبناني جعجعتها بلا طحين، لاقترعتُ للمرشح الجنرال المتقاعد جان طالوزيان، فقد أعلن عن أهم بندٍ من بنود برنامجه الانتخابي، إذ سيتقدّم (في حال نجاحه إن شاء الله) باقتراح مشروع قانون يقضي بإلغاء الرواتب التقاعدية للنواب السابقين، وجهر بالحقيقة التي يعلمها جميع المسؤولين "الفاسدين"، ولا نستثني أحداً، النيابة ليست وظيفة، بل هي خدمة عامة، هي صفة تمثيلية، يتقدّم لها من يتوجّب أن تتوافر عنده الأهلية والكفاءة، فيتقاضى لقاء ذلك بدل تمثيل وتعويضات وخلاف ذلك، وعند انتهاء ولايته النيابية وعدم تجديدها، لا بُدّ أن ينقطع البدل والتعويضات، فالمرشّح للنيابة لم يتقدم لشغل وظيفة، بل تقدم لشغل صفة تمثيلية، تنتهي فور فقدانه لهذه الصفة، فلا يحُقّ لمن شغل صفة نيابية لمدة أربع سنوات بتقاضي راتب تقاعدي مدى العمر مع عائلته، وأبرز مثال على كون الصفة التمثيلية لا تُخوّل صاحبها تقاضي معاشاً تقاعدياً هي رئاسة البلدية، فرئيس البلدية (وولايته ست سنوات لا أربع) يتقاضى بدلاً تمثيلياً طالما هو في منصب رئيس البلدية، حتى إذا فقد هذه الصّفة عاد مواطناً عادياً مُهتمّاً بكسب عيشه.

إقرأ أيضًا: من إبداعات القانون الانتخابي النسبي .. ولادة لوائح ملغومة
المعاش التقاعدي للنّائب بدعة جديدة ابتدعها من تنطّحوا لمحاربة الإقطاع والقضاء على دولة المزرعة، وهي من أشنع الموبقات في السّطو على المال العام.
يُحكى أنّ حالةً عُرضت على المجلس النيابي في سبعينيات القرن الماضي تُظهر أنّ أحد كبار المسؤولين السابقين يُعاني من ضائقة مادية وقد طعن في السّن، فاقترح المُشرّعون إعطاء إعانة مالية لمثل هذه الحالات بناءً للطلب، مع تبيان القرائن الموجبة، في حين نحن مُضطرّون اليوم لإعطاء معاشات تقاعدية لمن يملكون العقارات والشركات والأرصدة المالية والمكاتب الاستثمارية لمجرّد دخولهم البرلمان لمدة أربع سنوات (وهي معاشات تفوق راتب مدير عام أو قاضٍ أو أستاذ جامعي أمضى أربعين عاماً في الخدمة العامة)، مع العلم أنّ من يشغل وظيفة عامّة لا يحُقّ له تقاضي معاش تقاعدي قبل مضي عشرين عاماً على خدمته.
تحية للجنرال جان طالوزيان .. صوّتوا لمن يتصدى منذ اليوم للفساد ونهب المال العام.