على مشارف الاستحقاق النيابي الذي تفصلنا عنه أيام 18، تلهث الماكينات الانتخابية للقوى المتنافسة خلف إنجاز المهام الملقاة على عاتقها، من إحصاءات واستطلاعات رأي، وتعريف القواعد الشعبية على القانون الجديد وتدريب المندوبين. بالإضافة إلى وضع استراتيجية للتنسيق بين أعضائها يوم الانتخاب والتي سيكون قوامها عند معظم الماكينات تطبيقات الكترونية تحقق الاتصال المباشر بين عناصر الماكينة الانتخابية الواحدة على مستوى المناطق والدوائر، لمواكبة الاقتراع والنتائج كما هو الحال لدى حزب القوات اللبنانية.

في مرور سريع على الماكينات الانتخابية لمعظم الأحزاب والتيارات السياسية في لبنان تبين لـ"ليبانون ديبايت" أن معظم الماكينات الانتخابية أنجزت معظم مهامها. واللافت أن بعضها بدأ عمله باكراً جداً وأنجز كل مهامه، كالماكينة الانتخابية لحركة أمل التي انطلقت منذ 8 أشهر.

لكن تواجه الماكينات الانتخابية هذا العام مهمة أساسية تصعّب مهامها وهي عملية توزيع الصوت التفضيلي، الذي له أن يهدد المرشحين داخل الحزب الواحد في حال لم يكن توزيعه مدروساً ومبنياً على إحصاءات دقيقة. 

تؤكد مصادر الماكينة الانتخابية لحزب الله أن الحزب سيتعامل مع معضلة الصوت التفضيلي مع كل منطقة تبعاً لخصوصيتها. وعلى سبيل المثال لا الحصر في بعلبك الهرمل سيعتمد توزيع القرى على مجموعات ويفرض مرشحاً تفضيلياً على كل مجموعة. أما في الجنوب تبين أنه سيكون من دون اعتماد العملية نفسها فوارق رقمية بين القرى، ولذلك ذهب الحزب باتجاه توزيع الصوت التفضيلي بين القواعد الحزبية.

ولا تختلف استراتيجية الفريق الأخضر كثيراً عن استراتيجية شقيقه الأصفر، ويؤكد مسؤول الاعلام المركزي في حركة أمل طلال حاطوم أن الماكينة الانتخابية للحركة تعي جيداً ضرورة توزيع الأصوات التفضيلية على المرشحين حتى لا يطغى عدد من المرشحين على آخر. ويلفت إلى أن لكل دائرة خصوصية معينة تستوجب النظر من خلالها، والدوائر الـ15 تفرض تقسيماً جغرافياً معيناً، ومجموعة من التحديات تجعل لكل منطقة خصوصية معينة تفرض بدورها كيفية التعاطي مع الصوت التفضيلي.

إلى ذلك، يؤكد رئيس جهاز الانتخابات في حزب القوات اللبنانية جان خشان أنه بعد القيام بكل الدراسات والإحصائيات اللازمة التي أُنجِز جزء كبير منها، تحدد الماكينة الانتخابية للقوات ماهية المناطق التي سيتم فيها فعلا توزيع الصوت التفضيلي. ويرى في حديث لـ"ليبانون ديبايت" أن أفضل طريقة لتوزيع الصوت التفضيلي هو الجغرافي، كأن تختار بلدات محددة بعد دراسات معمقة المرشح "X" وتختار بقية البلدات المرشح "W"، وإذا كنا نتكلم عن مدن كبيرة كزحلة وبيروت يتم تشعيبها إلى أحياء. 

بدوره، يشير مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس إلى أن اللجنة الانتخابية المركزية وضعت رؤية متكاملة لمقاربة ملف الانتخابات تحت سقف العناوين التي أعلنها النائب وليد جنبلاط من حماية المصالحة والعيش المشترك والتأكيد على التعددية والتنوع في كل مناطق الجبل. وهي تدرس موضوع توزيع الصوت التفضيلي بين مرشحيها بشكل حثيث، وسيتم التعاطي معه بشكل حاسم قبل أيام قليلة من الانتخابات. أما التركيز اليوم هو على باقي المهام المتعلقة بالعملية الانتخابية.

من جهته، يؤكد مدير الحملة الانتخابية في حزب الكتائب اللبنانية باتريك ريشا لـ"ليبانون ديبايت" أن واقع الصوت التفضيلي غير موجود لدى الكتائب إلا في منطقة واحدة كونه يوجد فيها أكثر من مرشح، وهي المتن الشمالي. ويلفت إلى أن لا عملية توزيع دقيقة سيعتمدها الكتائب في هذه الدائرة بل الخيار متروك للناخب المتني.


وكذلك التيار الوطني الحر يترك خيار الصوت التفضيلي للمواطنين، ويقول منسق لجنة الانتخابات المركزية في التيار نسيب حاتم إن التيار قام بواجبه وقدم للناس المرشحين الذين اختاروهم هم، لا سيما أن عملية اختيار المرشحين مرت بمراحل ثلاث كان قوامها خيارات القاعدة الشعبية.

بينما يرفض منسق عام الإعلام في تيار "المستقبل" عبد السلام موسى الإفصاح عن أي شيء له علاقة بمهام الماكينة الانتخابية للمستقبل وعملها، ويقول "عمل الماكينة الانتخابية للماكينة، لا نعرض آليات عملنا على الإعلام، وقضية الصوت التفضيلي أمر داخلي يُحسم قبل أيام من الانتخابات بقرار من رئيس الحكومة سعد الحريري".

وعلى عكس القوى السياسية التقليدية التي تتخبط بعملية توزيع الصوت التفضيلي، تختفي هذه الأزمة لدى لوائح المجتمع المدني، ويؤكد المرشح عن لائحة كلنا وطني عن المقعد الماروني في بيروت الأولى جيلبيرت ضومط أن الصوت التفضيلي لدى لوائح كلنا وطني التسع أقل أهمية، "لأن أي مرشح يخرق من اللائحة هو يمثلنا ويمثل المجتمع المدني، كلنا متفقين على نفس الورقة السياسية".