تشتد المعركة في دائرة بعبدا، ويرتفع منسوب التنافس على الصوت التفضيلي، خصوصاً أنّ أقضية جبل لبنان تحتلّ مرتبة متقدمة في أولويات كل العهود المتعاقبة.
 

يحمل قضاء بعبدا رمزية خاصة للعونيين، فهو مسقط رأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كذلك فإنه الحاضن للقصر الجمهوري الذي يشكّل حلم كل سياسي ماروني، ومركز ثقل أساسي لـ«حزب الله».

ساعَد الصوت الشيعي لائحة تكتل «التغيير والإصلاح» بالفوز في انتخابات 2009 وحصل «التيار الوطني الحرّ» على كتلة من 4 نواب، ثلاثة موارنة هم: حكمت ديب، ألان عون، وناجي غاريوس، ونائب درزي هو فادي الاعور، فيما حصد «حزب الله» المقعدين الشيعيين وهما النائب علي عمار وبلال فرحات.

ويتنافس في دائرة بعبدا 4 لوائح، وتضم لائحة «الوفاق الوطني»، المؤلفة من تحالف «حزب الله» وحركة «أمل» و«التيار الوطني الحرّ» والوزير طلال إرسلان، كلّاً من المرشحين علي عمار، فادي سلامة، سهيل الأعور، حكمت ديب، ناجي غاريوس، وألان عون.

وتتألف لائحة «وحدة وإنماء بعبدا» من تحالف «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الإشتراكي» وتضم كلّاً من المرشحين: الوزير بيار بو عاصي، سنتيا الأسمر، جوزيف عضيمي، هادي أبو الحسن، صلاح الحركة.

وتضمّ لائحة «سوا لبعبدا»، المدعومة من حزبي «الكتائب» و«الوطنيين الاحرار» ومستقلين، كلاً من المرشحين: إيلي غاريوس، بول أبي راشد، رمزي بوخالد، اجود العياش، الفت السبع، سعيد علامه.

وتتألف لائحة «كلنا وطني»، المدعومة من المجتمع المدني، من المرشحين: زياد عقل، جوزف وانيس، ماري كلود الحلو، واصف الحركة، علي درويش، رانية المصري.

ويوجد في دائرة بعبدا 6 مقاعد موزعة كالآتي: 3 موارنة، 2 شيعة ودرزي واحد. ويبلغ عدد الناخبين المسيحيين نحو 85 ألف ناخب، مقابل 10 آلاف ناخب سني، 42 ألف ناخب شيعي، و29 ألف ناخب درزي.

واقترع في بعبدا عام 2009 نحو 84 ألف ناخب، ونالت لائحة تحالف «التيار- حزب الله» و«8 آذار» نحو 44 ألف صوت كمعدّل وسطي، أي ما نسبته 52 في المئة من الأصوات، وبالتالي تنال اللائحة 3.1 مقاعد باللغة الانتخابية، أي 3 مقاعد.

في المقابل نالت لائحة قوى «14 آذار» مع حلفائها نحو 37 ألف صوت كمعدّل وسطي، أي ما نسبته 43 في المئة، فيما توزّع 6 في المئة من الأصوات على مرشحين مستقلين، ولو كان النظام نسبياً في الـ2009 لكانت نالت «14 آذار» 2.6 مقاعد، وبما انّ الكسر الذي نالته أعلى من كسر لائحة التيار، عندها تحصد 3 مقاعد مقابل 3 مقاعد للائحة «التيار»- «حزب الله».

قد يكون الواقع السياسي تبدّل منذ عام 2009 الى يومنا هذا، وخصوصاً انّ قوى «14 آذار» لم تعد موحّدة، لكن بالنظر الى دائرة بعبدا، فإنّ تحالفات العونيين ما زالت كما هي، أي انّ التقديرات تشير الى انهم لن يتخطّوا في أحسن الأحوال الـ53 في المئة، وهذا يعني انّ حصتهم مع «حزب الله» والحلفاء هي 3 نواب.

وإذا نظرنا الى الخريطة السياسية للقضاء، يتّضح انّ «حزب الله» وحركة «أمل» يستطيعان توزيع أصواتهما على المقعدين الشيعيين بنسبة قد تصل الى 11 ألف مقترع لكل مرشح لضمان فوزهما، فيما يؤكّد العونيون انّ معركتهم هي لرفع الحاصل الإنتخابي، ولا يوجد أي نية حتى الساعة لإعطاء الأصوات التفضيلية لمرشّحين فقط، بل إنّ كل مرشح مسؤول عن تأمين الأصوات التفضيلية.

من هنا، قد يخرج العونيون بنائب حزبي واحد في بعبدا إذا حصدت لائحتهم 3 مقاعد فقط، في مقابل نائبين للثنائي الشيعي، أمّا المرشح الدرزي فلن يكون من حصة تكتل «التغيير والأصلاح» لأنّ النسبية ستسمح لمرشح «الإشتراكي» هادي او الحسن من الفوز.

في المقابل، فإنّ تحالف «القوات» مع «الإشتراكي» يمنح «القوات» أفضلية لحصد أحد المقاعد المارونية لصالح مرشحها بوعاصي، فيما يبقى المقعد السادس في بعبدا رهن الحسابات التي تجري والحاصل الإنتخابي والكسر الأعلى، وإمكان تحقيق أي من اللوائح الأخرى أيّ خرق، على رغم أنّ هذا الامر ما زال مستبعداً.

ويعتبر التصويت الدرزي أساسياً في المعركة، خصوصاً أنّ الدروز يصوتون بكثافة عالية، ويعطون أكثر من 70 في المئة من أصواتهم للائحة الحزب «الإشتراكي»، وهذا الأمر سيصعّب مهمة لائحة العونيين في حصد المقعد السادس، فيما لن يستطيع الثنائي الشيعي، في ظل النظام النسبي، مَدّ «التيار» بالأصوات المطلوبة، لأنّ هناك مرشّحاً لكل من الحزب والحركة، وخفض نسبة الأصوات التفضيلية لأيّ من مرشحيهما سيسمح للوائح المقابلة بخرق أحد المقاعد الشيعية.

إذاً، ونتيجة القانون النسبي قد تنخفض حصّة «التيار الوطني الحرّ» في بعبدا من 4 مقاعد الى مقعد ماروني واحد، ما يعني انه قد يخسر ثلاثة أرباع الحصّة التي حققها في الـ2009، فيما ستتوزّع المقاعد على القوى السياسية الأخرى في بعبدا.