التحليلات السياسية والعسكرية يجب أن تكون على قدر من الشفافية والمسؤولية
 

 

 وقف العالم خلال الأسبوع الماضي أمام تغريدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول توجيه ضربة عسكرية إلى "سوريا" بمزيد من التأمل والتحليل لأن أي ضربة من هذا النوع ستؤدي إلى تطورات سياسية وعسكرية تتعدى بمفاعيلها وتداعياتها سوريا والمنطقة، وتوقف محللون عسكريون في الغرب عند هذه التغريدات بالدراسة والتدقيق العلمي التحليلي حسب الرؤية العسكرية والسياسية حول المنطقة وطبيعتها ولم ير هؤلاء أكثر من عملية عسكرية محدودة .

محليا استطاع إعلام الممانعة تسجيل الإنتصار قبل العملية العسكرية بأيام من خلال إطلاق التحليلات والتهديدات وتحضير البيئة الإعلامية والسياسية للإنتصار العظيم، يأتي ذلك وفق خطة إعلامية شاملة سعى مطلقوها إلى تطويق الحدث حسب التمنيات وبما ينسجم مع الرغبات والإرادة العامة لخطاب الممانعة، واستدعت وسائل إعلام الممانعة بعض المحللين العسكريين والمتقاعدين وبعض الإعلاميين الإستراتيجيين لرسم الصورة  حسب المعطيات التي تريدها الماكينة الإعلامية للممانعة واعتمد هؤلاء على خطابات التهديد والوعيد الإيرانية بالدرجة الأولى وبدأت حفلة الكذب الإعلامي وتحريف الوقائع وتصوير الأحداث كانتصارات متوقعة.

إقرأ أيضا :السعودية تقود سفينة العرب

 

استمرت حفلة الكذب حتى بعد انتهاء الضربة العسكرية لسوريا، وبالرغم من أن هذه الضربة حققت أهدافها المرسومة أميركيا، إلا أن خطاب الممانعة خرج مجددا وبالسياق عينيه وبالأهداف ذاتها ليؤكد أيضا أن أي هزيمة هي في خطاب الممانعة إنتصار بالرغم من أن الضربة العسكرية الأميركية هي تحد جديد للوجود الإيراني في سوريا ومن ورائه الحزب وكانت التقديرات فيما بعد كلها في سياق الإنتصار بالرغم من اعتبار المسؤولين الروس أن الضربة العسكرية الاميركية في سوريا هي اعتداء على الرئيس الروسي بوتين مباشرة و بالرغم من اعتبار الأمين العام للحزب  أن المستجدات في سوريا تضعنا أمام مرحلة جديدة.

إقرأ أيضا : الرئيس بري يقترح إستراتيجية موحّدة بين السعودية وإيران لمواجهة الإرهاب

 

كيف فسر هؤلاء الغارة الأميركية على مطار التيفور؟

كشفت الغارة الإسرائيلية الأخيرة على مطار التيفور والتي ذهب ضحيتها 20 مقاتلا إيرانيا على الأقل عمق الأزمة التي يعانيها إعلام الممانعة ليعتبر أن عملا عسكريا اسرائيليا على مطار التيفور يقضي على عشرين مقاتلا ايرانيا هو أيضا انتصار والسؤال المطروح كيف يفكر هؤلاء سياسيا وعسكريا وما هي استراتيجيات الإنتصار والهزائم بالنسبة لهم، طبعا لا أحد يعرف المهم فقط هو ما يقدمونه على الإعلام لقواعدهم الشعبية وبيئتهم التي توقف دائما عند حدود " المنار "وصحيفة الأخبار كوسائل إعلامية أخذت على عاتقها تصوير الهزائم كانتصارات .

العملية العسكرية الأخيرة التي طالت دمشق للمرة الأولى وبالقرب من القصر الرئاسي السوري هي بحد ذاتها تطور وحجم الضربة وأهدافها تطور آخر وقد لا يفهم هؤلاء أو لا يريدون أن يفهموا أن ثمة تطورات جديدة على الساحة السورية ستكون كفيلة برسم معالم المرحلة الجديدة، ولم يفهموا بعد الإنكفاء الإيراني واحجامه عن الرد أو التدخل بالرغم من الضربة القاسية التي تعرضت لها إيران في مطار التيفور .

إن التحليلات السياسية والعسكرية يجب أن تكون على قدر من الشفافية والمسؤولية، تحليلات تنسجم مع الوقائع الميدانية والسياسية وتواكب أكثر التطور الإعلامي ورسالة الإعلام التي تبدأ بالحقيقة وتنتهي بالحقيقة .