تشهد المناطق ذات الاختلاط الطائفي توتُّرات طائفية غير مسبوقة
 

أولاً: النظام النسبي والشحن الطائفي...

ظلّ لبنان طوال تاريخه القصير نسبياً، والذي يقارب المائة عام خاضعاً لنظام انتخابي يحدّد الفائزين وفقاً للحصول على أكثرية الأصوات، ولم يُلاحظ أحدٌ من المتابعين والمحللّين لمُجريات هذه الإنتخابات أيّة مظاهر شحن طائفي أو مذهبي أو مناطقي، كالتي أفرزتها تجربة النظام الانتخابي النسبي الحالي حتى قبل اكتمالها، وتشهد المناطق ذات الاختلاط الطائفي توتُّرات طائفية غير مسبوقة، بدءاً من منطقة بعلبك - الهرمل، مروراً ببلاد كسروان - جبيل، وحتى العاصمة بيروت لم تسلم من توترات طائفية ومذهبية، كذلك العاصمة الثانية طرابلس، أمّا آخر ما اتحفنا به قادة هذه الإنتخابات الطوائفيّين، فهو قرع أبواق الفتنة الطائفية في أرض الجنوب، الجنوب الذي ظلّ طوال الحرب الأهلية بمنأى عن أهوالها وويلاتها، وبرهن خلال أعوامها الطويلة على متانة العيش المشترك وصلاحيّته، حتى جاء النظام الانتخابي النسبي والهجين (يعتمد النسبية ويقسّم البلد إلى خمسة عشر دائرة يحكمها موزاييك الطوائف)، وإذ بنا نشهد لأولّ مرّة زيارة لرئيس الحكومة لمنطقة مرجعيون - حاصبيا لشدّ العصب السّني في المنطقة، أمّا زيارات الوزير جبران باسيل لمنطقة الجنوب الثالثة فهي الافدح والأخطر، بافتتاحه مقرّاً للتيار العوني في منطقة النبطية، وهي عرين الرئيس بري والمقاومة الإسلامية، ممّا أعقب ذلك بعض التوترات تمثّلت باقتلاع رايات الحزب عن المقرّ في حبّوش.
أمّا آخر استفزازات باسيل فكانت في رميش، بقضاء بنت جبيل، حين عزف على الوتر الطائفي بكلمته وتغريداته الفجّة حين دعا الأهالي للمطالبة بحقّهم بمقعد نيابي، وتعدادهم سبعون ألفاً، وأردف قائلاً: "رميش لا تُكافأ بتهديدها بلقمة العيش في حال صوّتت للائحة الوزير، وطمأن الأهالي لتمتُّعهم بحماية الرئيس القوي، "ممّا استدعى ردّاً وطنيّاً جامعاً من رئيس بلدية رميش، مُذكّراً الوزير بأنّ الأهالي ليسوا مُهدّدين بلقمة عيشهم، وبأنّهم يعيشون في المنطقة بكراماتهم ويحصلون على حقوقهم، ويحافظون على علاقاتهم الحسنة مع محيطهم (بعيداً عن عنتريات الوزير الضارة).

إقرأ أيضًا: المغتربون الذين قصدوا الغرب يُحوّلهم الوزير باسيل إلى ريحٍ طيّبة أو نتنة

ثانياً: الرحمة على النظام الأكثري والبرنامج الإصلاحي للحركة الوطنية...

قبل طلب الرحمة للنظام الأكثري، فلنترحّم على البنود الأربعة الواردة في مقدمة "البرنامج الانتقالي للإصلاح الديمقراطي للنظام اللبناني" والذي أطلقتهُ الحركة الوطنية في آب عام ١٩٧٥:
١- إلغاء نظام المحاصصة الطوائفية السياسية والإدارية.
٢ قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية.
٣- قانون انتخابي جديد يقوم على النسبية، وعلى لبنان دائرة انتخابية واحدة.
٤- لا مركزية إدارية واسعة وعقد جمعية تأسيسية خارج القيد الطائفي.
بعد حوالي نصف قرن على هذا البرنامج، ما زلنا نسيرُ القهقرى.