بعدما دق الرئيس الأميركي طبول الحرب لتأديب الأسد وداعميه
 

المشهد العام يوحي بأن استعدادات دول الناتو لشن حرب  على النظام السوري قد استكملت

دقّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب طبول الحرب، ضد النظام السوري وحليفته روسيا، وتوعد الثانية بصواريخ جديدة ذكية ودقيقة، وقال في آخر تغريداته «الصواريخ قادمة... إستعدي يا روسيا». وأردف «سنضرب سوريا بصواريخ جديدة وذكية». وسرعان ما ردّت موسكو محذرة من الوضع الهش وآملة ألا تعطينا واشنطن سبباً كي نستخدم امكاناتنا للرد، فالصواريخ الذكية ينبغي ان توجه صوب الارهابيين وليس ضد الحكومة السورية الشرعية.
بدورها أعلنت دمشق انها لا تستغرب مثل هذا التصعيد الأرعن من الولايات المتحدة معتبرة ان ذريعة استخدام الكيماوي في الغوطة كان مخططاً لها.
وبالنسبة إلى إسرائيل فإنها أعلنت حالة الاستنفار القصوى على كل الحدود مع سوريا، ونقل تلفزيون «سكاي نيوز» عربية عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها ان الرئيس السوري بشار الأسد غادر قصره الرئاسي صباح أمس برفقة قافلة عسكرية روسية خوفاً من التعرّض لقصف أميركي، وحذّر من ان نظام الأسد والأسد نفسه سيختفي عن خريطة العالم إذا حاولت إيران المساس بإسرائيل ومصالحها من داخل الأراضي السورية، وان الأسد ونظامه سيدفعون ثمن أي هجوم على إسرائيل من داخل الأراضي السورية.
إذن، كما يُجمع المتتبعون للأجواء الأميركية وأجواء دول الناتو، وكل الأجواء الدولية فإن المشهد العام يوحي بأن استعدادات دول الناتو لشن حرب على النظام السوري رداً على استخدامه الكيماوي ضد ابناء دوما في الغوطة الشرقية قد استكملت، وان ساعة الصفر للبدء بالعمليات العسكرية قد اقتربت وقد لا يفصل المنطقة عنها سوى ساعات قليلة بل ومحدودة جداً، الأمر الذي حمل رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى التحذير من الانعكاسات الخطيرة التي قد تنجم عن أي عمل عسكري يستهدف سوريا ومبدياً خشيته من ان يكون أوّل ضحاياه استقرار المنطقة ووحدتها ناهيك عمّا سيترتب عنها من سفك للدماء والتدمير والتهجير للشعب السوري.
وفي الوقت الذي يُطلق رئيس المجلس تحذيراته هذه يظهر في المقلب الآخر من السلطة الحاكمة انعدام أي قلق أو خوف من تداعيات هذه الحرب المحتملة في سوريا وارتداداتها على لبنان الذي يشارك أحد مكوناته الأساسية (حزب الله) في الحرب الدائرة في سوريا بين النظام والشعب وبات أيضاً شريكاً في اللعبة الإقليمية التي تشهد الآن هذه التطورات الدراماتيكية البالغة الخطورة، والتي لا يستطيع الحزب ان يبقى بمنأى عنها، وهو شريك أساسي فيها، كما أشار الرئيس سعد الحريري في مؤتمره الصحافي الذي عقده أمس وخصصة للحديث عن إنجازات لبنان في مؤتمر «سيدر» الذي انعقد قبل أيام في باريس بمشاركة 53 دولة ومؤسسة دولية، من ان لبنان ما زال يلتزم سياسة النأي بالنفس بمعنى انه ينأى بنفسه عمّا يُمكن ان يحصل في سوريا التزاماً بسياسته التي اقرها مجلس الوزراء بالإجماع في أعقاب استقالته المدوية من رئاسة الحكومة احتجاجاً على تدخل حزب الله في الشؤون الداخلية للدول العربية، وانخراطه في الحرب الدائرة في سوريا دعماً للنظام إلى جانب إيران وروسيا.
وإذا كان الرئيس الحريري تجنّب الإفاضة في الحديث عن الحرب الدولية المحتملة ليتجنب الوقوع في خطأ الارتدادات المحتملة لهذه الحرب على لبنان بحكم قربه من مناطق الخطر من جهة، وبحكم دور حزب الله في اللعبة الإقليمية، فإن وزير الداخلية، الذي يتابع التطورات الأمنية من مصادرها استبعد حصول أية ارتدادات على لبنان في حال نفذت الولايات المتحدة الأميركية ودول الناتو الأخرى تهديداتها بتوجيه ضربات إلى النظام الأسدي لا توفّر منها حليفتيه موسكو وطهران، بوصفهما الداعمتين الاساسيتين للنظام واللتين تتوليان الدفاع عنه في مجلس الأمن الدولي، ونفي ضلوعه في استخدام السلاح الكيمياوي ضد المدنيين والأطفال في غوطة دمشق، ولجوء المندوب الروسي إلى استخدام حق النقض لإسقاط القرار الذي عرض على مجلس الأمن والداعي إلى تشكيل لجنة دولية مطلقة الصلاحيات للتحقيق في استخدام النظام السوري للسلاح الكيمياوي، فعلى ماذا يستند وزير الأمن؟ هل حصل على تطمينات دولية بأن لبنان سيبقى بعيداً عن النار التي من المحتمل ان تشتعل في سوريا أو حصل على تأكيدات من حزب الله بأنه سيلتزم بسياسة النأي بالنفس ولن يتدخل لدعم النظام في سوريا، في حال نفذ الرئيس الأميركي ومعه دول الناتو تهديداتهم بشن حرب عليه رداً على استخدامه السلاح الكيماوي لإبادة الشعب السوري الرافض لاستمراره في السلطة? وهل بإمكان حزب الله ان ينأى بنفسه وهو أحد الشركاء الأساسيين الداعمين للنظام والمشاركين في حرب إبادة الشعب السوري، والمتواجد عسكرياً في مواجهة إسرائيل في منطقة الجولان السورية، لا سيما وان كل المصادر تجمع على ان الضربة العسكرية للنظام السوري ولكل من يدعمه داخل سوريا باتت شبه محسومة.