ما يحصل ما هو إلاّ لشدّ العصب الطائفي لدى أنصار كل طرف من الأطراف الثلاثة من أجل الإنتخابات النيابية
 

 

تأخذ المعارك الإنتخابية في مختلف المناطق اللبنانية مناحي مختلفة داخل كل دائرة أو طائفة ، فالخطاب الإنتخابي المطروح من قبل المرشحين يأخذ بعين الإعتبار أولويات الناخبين داخل هذه الطوائف وفي مقدمها الولاء والتعصّب المذهبي ، وعلى أساسها تُطرح البرامج الإنتخابية .

في الأيام الماضية ، حصل سجال كلامي  بين رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان.

أطلق المير نيرانه باتجاه البيك , في حركة منه صادمة وغير متوقعة .

وقد حاول أرسلان في الرسالة التي توجّه بها إلى جنبلاط التركيز على نقطتين أساسيتين لا تخرجان عن دائرة الشعبوية الإنتخابية .

النقطة الأولى هي إظهار مظلوميته الناتجة من تصرفات وأداء جنبلاط بحسبه ، وهي إمتداد لعمل تراكمي بدأ في أوائل التسعينات وإستطاع فيها جنبلاط إزاحة أي منافس محتمل له لعرش الزعامة الدرزية ، ومن بينهم أرسلان .

وإن كان أرسلان قد شارك جنبلاط في السلطة نوعا ما منذ التسعينات ما عدا إنتخابات ٢٠٠٥ ، ورغم أن البيك حرص بعد أحداث ٧ أيار ٢٠٠٨ على ضمان مقعد نيابي لأرسلان على لائحته في الجبل ، حتى في هذه الإنتخابات النيابية المُقَرِّر عقدها في ٦ أيار ٢٠١٨ ، إلاّ أن المير يُصرّ على إظهار هذه المظلومية لشعوره بأن جنبلاط يُعامله كتابع لا كشريك .

إقرأ ايضا : عن أي دولة عميقة يتحدث وئام وهاب ؟

 

ولا تقف مشكلة أرسلان في هذه المظلومية المغالاة فيها نوعا ما عند جنبلاط ، بل يُحمِّل المسؤولية لحلفائه في الطائفة الشيعية وخصوصا الرئيس نبيه بري الحريص على الحفاظ على زعامة جنبلاط وعدم كسره .

وهو يلومهم لأنهم لا يدعمون مرشحيه في الدوائر الدرزية المختلفة ، ما جعله يذهب إلى التحالف مع التيار الوطني الحر في الشوف - عاليه وفي الجنوب الثالثة ، فالتيار يشترك مع أرسلان في طموح واحد ، وهو كسر أحادية الزعامة الجنبلاطية في الجبل .

أما النقطة الثانية التي تمحورت رسالة أرسلان حولها ، هو إظهار الدروز بموقع الضعيف والمستهدف ، وبأن دورهم في المعادلة اللبنانية قد تراجع في ظل زعامة جنبلاط ، وبالتالي هو يُحمِّل جنبلاط مسؤولية هذا التردّي في الدور في حال صحّ تقييم أرسلان بالطبع .

ورغم مرور أيام على رسالة أرسلان ، لم يُبادر جنبلاط بالردّ عليها بقوة وبتفصيل ، بل إكتفى بالتغريد قائلا :" لا داعي للدخول في مساجلة مع أمير الوعظ والبلاغة والحكم .اما وانني على مشارف الخروج من المسرح اتمنى له التوفيق مع هذه الكوكبة من الدرر السندسية والقامات النرجسية .انتم كما قال جبران في النور المظلم ،ونحن في العتمة المنيرة". فهو يتعامل مع الرسالة كأنها غير موجودة ، إعتقادا منه ربما بأن هذا الكلام لا يخرج عن سياق حملات التجييش الإنتخابي لجمع أكبر عدد من الأصوات التفضيلية عبر مخاطبة شعور ووعي الناخب الدرزي بمواضيع عاطفية كالتهديد الوجودي وغيرها.

ومع إلتزام جنبلاط الهدوء حيال الرسالة ، دخل رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب على خط الخلاف ، وتوجَّه برسالة لجنبلاط وأرسلان .

إقرأ أيضا : وليد جنبلاط .. الإنقلاب القريب

 

في رسالة وهاب ، بدا أنه قاسيا نوعا ما في إنتقاداته لأرسلان أكثر من إنتقاد جنبلاط ، بل هو رفض القول أن جنبلاط لم يُقدّم شيئا للدروز رغم وجود أخطاء في سياسته ، واتهم أرسلان بممارسة سياسة كيدية قائمة على التمييز بين الأخ وشقيقه عبر وزارة صندوق المهجّرين ، والتي بالمناسبة لولا رضى جنبلاط على توزير أرسلان ما كان ليطمح بالحصول عليها.

حاول وهاب إظهار أرسلان أنه ليس مظلوما بل ظالما وشريكا في جريمة إضعاف الدور الدرزي ، وأنّه لا يستطيع تحميل المسؤولية فقط لجنبلاط ، بل هو ساهم بما وصل إليه الدروز اليوم .

وبالتالي ، هو عليه أن يتحمل المسؤولية الكاملة ، مثله كمثل جنبلاط .

ردّ المكتب الإعلامي لاحقا للوزارة على كلام وهاب وقدّم إيضاحات ومعطيات لدى الوزارة.

لكن هذا الخلاف داخل الطائفة الدرزية يردّه البعض لأسباب عديدة ، فالقاسم المشترك بين المراقبين في النظرة إلى الموضوع أن ما يحصل ما هو إلاّ لشدّ العصب الطائفي لدى أنصار كل طرف من الأطراف الثلاثة من أجل الإنتخابات النيابية .

فالأمور بعد الإنتخابات ستعود إلى طبيعتها الأولى ، في حال لم يتجدّد الخلاف لاحقا على الوزارات.