المضحك المبكي أن من بين هؤلاء المرشحين اليوم 17 وزيرًا في هذه الحكومة وقد كانوا وزراء أيضًا في حكومات سابقة
 

تستعر الحملات الإنتخابية يوما بعد يوم، كلما اقتربنا من موعد الإنتخابات النيابية في 6 أيار القادم، وخرجت البرامج الإنتخابية إلى العلن ولم يخلُ أي منها من مقاربة الموضوع الإقتصادي وملفات الفساد تحديدًا، تلك الملفات التي أخذت حيزًا كبيرًا من البرامج الإنتخابية للمرشحين واللوائح في كل المناطق حتى يظن اللبنانيون أن المسؤولين عن هذا الفساد والتسيب المالي والإداري هم من كوكب آخر أو هم من جنسيات غير لبنانية يجب أن يحاسبوا ويجب تقديمهم إلى القضاء اللبناني بسبب إشاعة الفساد المالي والإداري والإختلاس من ميزانية الدولة.
هكذا يريد المرشحون للإنتخابات النيابية تصوير أسباب الفساد المالي في الدولة ويريدون في برامجهم الإنتخابية تحديد المسؤوليات والمحاسبة بسبب الأوضاع المالية المتردية في البلاد، والمضحك المبكي أن من بين هؤلاء المرشحين اليوم 17 وزيرًا في هذه الحكومة وقد كانوا وزراء أيضًا في حكومات سابقة، ومن غير الوزراء الحاليين أيضًا هناك مرشحون آخرون كانوا وزراء سابقون، وهؤلاء جميعم يطالبون اليوم في برامجهم الإنتخابية من خلال أحزابهم وتياراتهم ولوائحهم بمحاربة الفساد والتصدي للهدر ومحاسبة المتورطين بعدما استشعروا خطورة الوضع الاقتصادي الراهن، فهل يحاسبون أنفسهم وأزلامهم؟ والجميع يعرف أنهم هم المسؤولون عن الفساد المستشري في الدولة بجميع مؤسساتها وأجهزتها، هل تحاسب الحكومة نفسها وكيف؟ 

إقرأ أيضًا: الإستغلال الإعلامي المسيء للزيارة السعودية -الإماراتية إلى بعلبك
أما الأحزاب التي تدعو هي أيضًا في برامجها الإنتخابية لاعتماد الشفافية ومحاربة الفساد، هي الأحزاب نفسها الممثلة في الحكومة والممثلة أيضًا في المجلس النيابي، هل حان وقت الصحوة الآن على أعتاب الإنتخابات النيابية؟ هل أصبحت محاربة الفساد ومواجهة الفساد مجرد شعار إنتخابي هي أيضًا؟ شعارات تنتهي مع انتهاء الإنتخابات وفرز الأصوات!
بالأمس تضمت كلمة الأمين العام لـ (حزب الله) السيد (حسن نصر الله) في النبطية كلامًا كبيرًا وكثيرًا حول مواجهة الفساد المالي والإداري وقال السيد: "أيها الشعب اللبناني أنتم ذاهبون ليصبح خلال سنة أو سنتين الدين العام الخاص بكم 100 مليار دولار في حال طبعاً تسامحنا في بعض الامور، ماذا يتطلب هذا الامر؟ يتطلب بأن يكون لدينا نواب بالمجلس النيابي ويكون لدينا حكومة لا يأتي فيها أحد يركب عليها ديون ليحل مشاكل شخصية ولا بأن يأتي أحد ـ سأتكلمها بالعامية ـ ليأكل رأس البلد كله والأحزاب والقوى والوزراء والرؤوساء والنواب وبأنني جلبت لكم الإنقاذ الاقتصادي وهو يكون يغرقنا أكثر “ما حدا ياكلنا راسنا” لست اقول انه لا يوجد إيجابية ان نجد في العالم من يقرض لبنان، يوجد بهذا الامر إيجابية بحدودها يجب أن نعترف فيها، ولكن عندما تأتي هذه القروض “حبة حبة” مشروع مشروع يحتاج الى مناقشة جدية وحقيقية في مجلس الوزراء في حال كانوا سيناقشون فيما بعد في مجلس الوزراء".
وأضاف الأمين العام  موجها كلامه للحاضرين "نحن أمام تحدي خطير، من تنتخبون؟" وقال أيضًا: "لأكون صريحاً أكثر، نحن بحاجة الى نواب يلتزمون امام الشعب، انا ليس لدي معلومات دقيقة بما حدث في باريس لكن الذي حُكي أمس واليوم ضرائب وتبعاتها، لا اعلم ولكن في كل الاحوال بلاء الضرائب موجود، هذا البلد هذا الشعب كله سواء بموضوع مؤتمر باريس أو غير مؤتمر باريس الموازنة المتعلقة بعام 2019 أو تمويل اي مشاريع جديدة، اي ضرائب جديدة على الفقراء في لبنان على أصحاب الدخل المحدود في لبنان يجب أن يكون رفضها قاطعاً وغير قابل للمجاملات.

إقرأ أيضًا: ما بقى تربحونا جميلة بالمقاومة!!
هذا الكلام مهم ومطلوب ولكن لماذا الآن؟ ونحن على مشارف الإنهيار الإقتصادي؟ ألم يكن الحزب ممثلًا في الحكومة والمجلس النيابي على مدى عشرين عاما لماذا لم يتخذ موقفًا واضحًا وجريئًا وشفافًا ويسمي الأسماء بأسمائها؟
هذا السؤال سيبقى بلا جواب لأن الواقع شيء والخطابات الإنتخابية شيء آخر يعني كما قال السيد نفسه "ما حدا ياكلنا راسنا" لأن كل مواطن لبناني يعرف من هم أصحاب السلطة ومن هم أصحاب الحكومة ومن هم أصحاب المجلس النيابي طوال السنوات الطويلة الماضية.
اليوم وبعد مشاهدة هذا الفجور السياسي وهذا العهر الإنتخابي يبقى المواطن اللبناني هو الضحية، ضحية ولائه الأعمى واللامسؤول لهذه الزعامات وهذه الأحزاب، وهي التي تقتله كل يوم، وضحية تصديقه لكل الكذب الإنتخابي الذي يحصل اليوم، ومع الأسف فإن المواطن اللبناني يقتل نفسه بنفسه لأن مع هذه الزعامات وهذه الأحزاب لن يبقى وطن ولا مواطن.