على وهج الدلالات الـ«ما فوق» عادية، المالية والسياسية التي عبّر عنها النجاح المرموق لمؤتمر «سيدر» لدعم لبنان، بدأ في بيروت أسبوعٌ يُتوَّج الأحد المقبل بالقمة العربية في السعودية التي سيشارك فيها رئيسا الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة سعد الحريري ويفترض أن تكرّس الاحتضان العربي للبنان بعد تجديد المجتمع الدولي الثقة به من خلال «الرافعة» التي شكّلها المؤتمر الذي استضافتْه باريس لاستقراره.

وفيما عاد الحريري إلى بيروت بعد الإنجاز الكبير الذي صبّ في «رصraiيده» السياسي وعكَس مكانته دولياً رغم حرْصه على «تجيير» هذا الإنجاز الى «التوافق السياسي» بين أركان الحُكم مُسمّياً في هذا السياق عون ورئيس البرلمان نبيه بري، فإن الداخل اللبناني تلقّف هذا الحَدَث وأَدْخَلَه «في حلبة الانتخابات النيابية التي ستجري بعد 27 يوماً، وسط مواقف اعتبرتْ أن (سيدر) شكّل (طوق نجاة) مالياً – اقتصادياً للبنان الذي يَتعيّن عليه تحمُّل مسؤولياته لجهة تنفيذ الإصلاحات (الشَرْطية) للاستفادة من التعهدات الدولية بأكثر من 11 مليار دولار قروض وهبات، في مقابل مواقف تولّت انتقاد المؤتمر باعتبار أنه سيرفع الدين العام الذي يتجاوز حالياً 80 مليار دولار معربة عن الخشية من(رهن لبنان للديون)لأهداف سياسية».

وتوقّفتْ أوساط سياسية في بيروت عند دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خط دعم نتائج مؤتمر«سيدر» والتأكيد على «قيادة الحريري» لمواجهة التحديات التي يقف أمامها لبنان، في ما بدا تتويجاً لتعاطي المجتمع الدولي مع رئيس الحكومة على انه «صمام أمان» الآن ولمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، وحرص عواصم القرار على توفير «حاضنة» دولية وازنة لـ«بلاد الأرز» لمنْع أي «استفراد» بها من إيران.

ففي بيان صادر عن البيت الأبيض، أشاد ترامب بحكومة لبنان لتعزيزها الأمن والاقتصاد في البلاد، وقال: «إن لبنان بلد يواجه تحديات لا تُعدّ ولا تُحصى، بما في ذلك التدفّق غير المسبوق للاجئين، والأثر المدمّر لإيران و(حزب الله)، ولكن، كما نرى من نجاح المؤتمر ( سيدر)، فإن لبنان هو أيضاً بلد يتمتع بإمكانات هائلة وله كثير من الأصدقاء».

وأضاف: «ان لبنان، تحت قيادة رئيس الوزراء سعد الحريري، يعالج هذه القضايا الملحة. ولبنان أقر للسنة الثانية على التوالي الموازنة العامة، وزاد عدد قواته في جنوب البلاد، وهزم مؤيدي جماعة (الدولة الإسلامية) الإرهابية المحظورة وسيجري قريباً انتخابات برلمانية تاريخية، ما يدل على تعزيز الأمن فيه».

كما أيّد ترامب خطط تحفيز الاقتصاد من خلال الاستثمار ومكافحة الفساد وتحسين المساءلة، معرباً عن اعتقاده أن خطط لبنان الطموحة لتنفيذ مشاريع البنية التحتية توفر فرصة لتعزيز اقتصاد البلاد. وقال: «ستعتمد الشركات الأميركية على الفرص الجديدة، التي توفرها الخطة الاستثمارية في لبنان». وخلص إلى «ان الولايات المتحدة فخورة بعلاقاتها مع لبنان وتدعم حكومته».

وفي حين يُنتظر أن تشهد القمة العربية في السعودية تثبيتاً للصفحة الجديدة في العلاقات بين بيروت والرياض في ضوء قرارٍ واضح من المملكة برفْض «التخلّي» عن لبنان وبالانخراط الإيجابي فيه والحرْص على استقراره، أطلّ الرئيس ميشال عون في مقابلة عبر برنامج «Internationales» الفرنسي الذي يُبث عبر محطة«TV5 monde» واصفاً السعودية بأنها دولة «صديقة»، ولافتاً الى ان ما حصل بين البلدين قبل فترة «كان عَرَضياً» في إشارة الى أزمة استقالة الحريري من الرياض، مؤكدا انه تم تخطي ما حصل، ومشيراً الى ان لبنان يؤيد طلب السعودية الانضمام الى المنظمة الفرانكوفونية، ومعتبراً ان مساهمة المملكة في مؤتمر «سيدر» إشارة الى التقارب بين البلدين «وأنا على ثقة أكبر بالعلاقة مع السعودية حالياً، لأنها عادتْ إلى طبيعتها».


ولفت الى ان «حزب الله» ليس حليفاً ثقيلاً له «وأفراده لبنانيون يعيشون في قراهم على الحدود مع اسرائيل للدفاع عنها وعن لبنان»، معتبراً «ان انخراط الحزب في الحرب السورية أتى بعدما تحوّلت هذه الحرب الى إقليمية شارك فيها 84 بلداً»، و«من الطبيعي ان يعود الحزب الى لبنان قريبا بعد انتهاء الحرب». وشدد على ان السلطة في لبنان تمارس سيادتها على الأراضي اللبنانية بشكل تام ومن دون أي تدخل من «حزب الله».

ورأى ان الرئيس السوري بشار الأسد «هو حالياً رئيس لبلاده، وعلينا التعامل مع الحكومة الموجودة ولا خيار آخر لدينا، والعلاقات اللبنانية – السورية محدودة راهنا، انما طالما ان الرئيس الأسد باقٍ في السلطة فنحن نعترف به إذ ليس هناك من ممثل آخر لسورية».

وأكد عون في سياق آخر «ان هناك حلولاً شرعية وقانونية للنزاع القائم بين لبنان واسرائيل على خلفية بناء الجدار الحدودي والمناطق البحرية المتنازع عليها، عبر القوانين البحرية وتلك المتعلقة بالحقوق في الموارد الطبيعية، ويجب احترامها، وينبغي الا يؤدي هذا النزاع الى حرب خصوصاً أننا من جهتنا، نقبل بالتحكيم إذا فشلت الامم المتحدة في التوصل الى حل».


وفيما تزامن كلام الرئيس اللبناني مع معلومات عن مباشرة الجيش الاسرائيلي ببناء جدار الفصل عند الحدود مقابل طريق عام كفركلا – العديسة (الجنوب) وسط مراقبة من الجيش اللبناني و«اليونيفيل»، استأنف الحريري نشاطه الانتخابي، وقال خلال لقاءات شعبية له في بيروت «ان هذه الانتخابات مصيرية، ولذلك على كل مواطن أن يشارك في العملية الانتخابية من أجل رفع الحاصل الانتخابي، وكي لا نسمح لأحد بأن يأخذ قرار بيروت من أهلها».