الخطاب السياسي الهابط الذي يسود الساحة اللبنانية، ويسيطر على مسامع المواطنين يوميًا ويتضمن الكثير من التكاذب السياسي، والنفاق الاخلاقي، يدل على هشاشة الاجتماع السياسي اللبناني
 

لقد أظهرت عملية الانتخابات اللبنانية، من خلال مرحلة التحضير لها، عمق التخلف الفكري الذي نحن فيه، والبعد الشاسع بيننا وبين الحضارة الانسانية، ومرّة أخرى تؤكدُ الحركات الاسلامية أو ما يسمى الاسلام السياسي كم تعني له السلطة، وكم هو جاهز لفعل أيّ شيء من أجل السلطة، وكم هو متناقض بين شعاراته وممارساتها، هذا من جهة الاسلاميين، وأما الفكر السياسي بشكل عام، السائد في لبنان ظهر من خلال سلوكيات الاحزاب السلطوية اللبنانية أنه فكر أجوف فارغ من القيم السياسية الاساسية وفضلا عن القيم الاخلاقية، وبالتالي فالعقل السياسي اللبناني سواء تشبّه بالدين أو بالعلمانية هو عقل متخلف عن ركب الحضارة الانسانية، وهو عقل مقيّد بمفاهيم إصطناعية منتزعة من تجارب تاريخية عفى عليها الزمن وهو ليس مؤهلا لبناء مجتع سياسي حضاري يكون الانسان فيه محورًا أساسيًا.
لم يقتنع الاسلام السياسي يوما من الايام بمفهوم الديمقراطية وقواعده ومبادئه، ولم يسعَ إلى دراسة هذا المفهوم لا شكلًا ولا مضمونًا، بل فقط تعامل معه كأمر واقع على أساس أنه آلية حكم مضطر أن يستعمله من أجل الوصول من خلاله إلى السلطة، وقد قبله ما دام لا يشكل خطرًا على موقعه في السلطة، وإلا عندما يحس بأنه سوف يشارك غيره معه، يعلن وبكل ما لديه من وسائل مشروعة وغير مشروعة حربا على هذا المفهوم.

إقرأ أيضًا: لا شرعية لأي قرار ناتج عن الخضوع
كذلك الاحزاب اللبنانية غير الدينية تتعامل مع الديمقراطية كما يتعامل الاسلام السياسي، ويساعدهما، على التلاعب بمفهوم الديمقراطية غياب الثقافة الديمقراطية عند الجمهور والمناصرين، بل غياب الديمقراطية فهما وثقافة وممارسة  عن الاجتماع السياسي اللبناني، ذلك لان الديمقراطية قُدّمت في مجتمعاتنا أنها آلية حكم فقط، ولم تُقدّم على أنها ثقافة حقوق وواجبات، لذلك لا يمكن الحديث عن ديمقراطية حقيقية وسليمة بل قد تجد الناس تستغرب وترفض هذا المفهوم بغياب الثقافة الديمقراطية، يعني ثقافة حقوق وواجبات، لأن المواطن الذي يريد أن يمارس الديمقراطية ينبغي أن يكون على معرفة واضحة بحقوقه وواجباته، وإلا لا يمكن أن يمارسها أو يقبل بها، ويمكن أن يتخلى عنها بمجرد خطاب تخويفي تحريضي تخويني وهذا يدل على عدم وعي بالديمقراطية التي تتيح لكل إنسان أن يشعر بلذة  حرية التعبير، ويشعر أيضًا براحة التمثيل حقيقي له في السلطة. 
فالخطاب السياسي الهابط الذي يسود الساحة اللبنانية، ويسيطر على مسامع المواطنين يوميًا ويتضمن الكثير من التكاذب السياسي، والنفاق الاخلاقي، يدل على هشاشة الاجتماع السياسي اللبناني، ويدل على ظواهر سياسية وإجتماعية جديدة تحتاج إلى دراسة وإهتمام المتخصصين للوقوف على مخاطر آثارها على أصل الكيان اللبناني، هذه الظواهر تهدد لبنان وجوديًا.