كسرت تحالفات التيار الوطني الحرّ الانتخابية الرقم القياسي في تنوعها بين دائرةٍ وأخرى. وتحوّلت المشهدية كرنفال ألوانٍ انتخابي شمل الأصفر والأخضر بتفرعاته والأزرق والأسود والأحمر وغيرها من ألوان الأعلام التي رفعت في دارة “الوطني الحرّ” مبشّرةً بتحالف انتخابي في 6 ايار المقبل.

يبقى الثابت الوحيد في كلّ الدوائر، غياب أي تحالف يجمع البرتقالي مع القوات اللبنانية وحزب الكتائب وتيار المرده والحزب التقدمي الاشتراكي. ويتحالف العونيون مع تيار المستقبل في أربع دوائر، ويواجهونه في سبع. ويتحالفون مع الثنائي الشيعي في 3 دوائر بشكلٍ مباشر ويواجهونهم في 5. ولا شك في أن حسابات الربح والخسارة التي فرضها القانون الجديد، أسفرت عن تحالفات تتواجه ومواجهات تتحالف وفق ظروف المعركة الانتخابية في كلّ دائرة.

ويبدو أن افتراق “الوطني الحرّ” عن حزب الله وحركة أمل نتج في بعض الدوائر من موقف مسبق اتخذه “الثنائي الشيعي” بإعلان تحالفاته سلفاً واستبعاد البرتقاليين عنها. ويأتي الاستبعاد، وفق ما يقول النائب زياد أسود لـ “النهار” نتيجة “اعتقاد رسخ لدى الثنائي بأن تيار المستقبل سيتحالف مع العونيين في كلّ الدوائر، لكن ذلك لم يحدث. وقد بنى الوطني الحرّ تحالفاته الانتخابية في جزين مثلاً، بعدما اتخذ الثنائي الشيعي قراره في دعم لائحة منافسة. وعلى عكس التوقعات، لم يتحالف البرتقالي والأزرق في دائرة الجنوب الأولى، بعد إصرار الأخير على تسمية المرشح الكاثوليكي”.

اخراج من المعادلة
يقول أسود إن ما حصل “سبقٌ غير مبرر يهدف الى اقصائنا وتالياً اخراجنا من المعادلة السياسية الجزينية في وقتٍ نتعاطى فيه مع الاستحقاق على قاعدة ترك الخيار للناخب الجزيني”. وينتج تحالف “الوطني الحرّ” مع “الأحباش” و”الجماعة الإسلامية” في بعض الدوائر عن “اختيار التعاون الذي يضاعف فرص الربح من دون التطفل الى الخصوصيات”.


 
بمعنى آخر، يعتبر العونيون أن “التحالف مع الجماعة الاسلامية طبيعي وواقعي باعتبار أنها حالة سياسية موجودة لا يمكن نكرانها، هي تحالفت سابقاً مع احزاب سياسية من دون ان تشكل عائقاً امام أحد. ويتعامل الوطني الحرّ مع الجماعة الإسلامية والأحباش انتخابياً كما يتعامل وسواها من القوى السياسية ويلتقيان على لائحة واحدة من دون أن يؤثر فريق على آخر رغم الاتفاق على بعض المواقف السياسية من دون سواها”.

رشى انتخابية
لم تؤثر “الجماعة الاسلامية” على خصوصية البرتقاليين، يقول أسود، و”لم تشترط مقابل التحالف الأسهل من ناحية المطالب المتبادلة، ما لم يجده العونيون مع لاعبين سياسيين آخرين”.

ويأتي تحالف “الوطني الحرّ” مع حزب البعث العربي الاشتراكي نتيجة قانون الانتخاب المعتمد الذي يسمح بتلاقي التناقضات يوم 6 ايار، وبعدها يمضي كلٌّ في سبيله. اذ ليس في الضرورة ان يتحول التعاون الانتخابي تحالفا سياسيا. ولا يحقق القانون الديموقراطية الصحيحة، وفق أسود، لأن اللوائح لا تنسجم مع بعضها في الأفكار والبرامج. ويتنافس أعضاء اللائحة الواحدة ضدّ بعضهم البعض مما يؤثر في علاقاتهم الشخصية.

في المقابل، لم تعمد القوات اللبنانية بخلاف “الوطني الحرّ”، الى نسج تحالفاتٍ غريبة عن نهجها السياسي، ولم تلتقِ مثلاً مع الحزب القومي السوري الاجتماعي أو “حركة أمل”.


 
يرى البرتقاليون ان موقف “القوات” السياسي مغايرٌ عن موقف “التيار” الذي لا يتخذ موقفاً سلبياً تجاه هذه القوى السياسية. يعلق اسود: “تحالفنا مع الثنائي الشيعي ليس نافراً. واذا كان لافتاً عدم تحالف القوات والوطني الحرّ في اي من الدوائر، فإن البرتقالي لم يرفض التعاون ونحن ضد فكرة العزل”.

يبدو جلياً أن “الوطني الحرّ” غير راضٍ على القانون الانتخابي المعتمد. يتمثل العنصر الايجابي الوحيد في رأي أسود أنه “قانون جديد ويفسح في المجال امام تمثيل فئة أكبر من المجتمع، وتكمن سلبياته في الرُّشى الانتخابية وغياب تكافؤ الفرص بين المرشحين والتنافس غير البناء بين أعضاء اللائحة الواحدة ما يؤدي الى تخريب معايير الديموقراطية”.

بورصة التحالفات
في ما يأتي ملخّصٌ عما استقرت عليه بورصة تحالفات “الوطني الحرّ” في الدوائر الثلاث عشرة، فضلاً عن قراءة في نتائج استطلاعات الرأي التي أجراها مكتب الباحث الانتخابي كمال الفغالي.

دائرة بيروت الأولى:
يتحالف “الوطني الحرّ” مع حزب الطاشناق و”المستقبل” ضمن لائحة “بيروت الأولى القوية” في 4 لوائح أبرزها لائحة “بيروت الأولى” التي يشكلها تحالف الكتائب – القوات – ميشال فرعون. وتتألف اللائحة من ألكسندر ماطوسيان، هاكوب ترزيان، سبوه قالباكيان، سارج جوخاداريان، أنطوان بانو، نقولا شماس، نقولا صحناوي ومسعود الأشقر. وترجح استطلاعات الفغالي فوز العونيين بنائب واحد، اضافةً الى نائب الهنشاق ونائبين للطاشناق.


 
دائرة بيروت الثانية:
يتحالف البرتقالي مع الثنائي الشيعي والأحباش عبر المرشح عن المقعد الانجيلي على لائحة “وحدة بيروت” ادكار طرابلسي. ويواجه العونيون لائحة “المستقبل” و7 لوائح أخرى في الدائرة نفسها، الذي لا تتوقع احصاءات مكتب الفغالي فوزه في الانتخابات. ويقول الفغالي ان “حظوظ فوز البرتقالي معدومة في هذه الدائرة”.

دائرة جبل لبنان الأولى:
يتعاون البرتقالي مع وجوه سياسية متنوعة في كسروان – جبيل تحت مظلة لائحة “لبنان القوي” التي تضم شامل روكز، نعمة افرام، زياد بارود، روجيه عازار، منصور البون، سيمون أبي رميا، وليد الخوري وربيع عواد. وتتنافس اللائحة مع 4 لوائح اضافية في الدائرة نفسها، هي توالياً: لائحة تحالف حزب الكتائب والنائب السابق فريد هيكل الخازن وشخصيات مستقلة، لائحة “القوات”، ولائحة “التضامن الوطني” التي تضم مرشح حزب الله حسين زعيتر ولائحة المجتمع المدني. ويقول الفغالي ان “ارجحية فوز “الوطني الحرّ” قائمة بثلاثة مقاعد في هذه الدائرة”.

دائرة جبل لبنان الثانية:
يشكل “الوطني الحرّ” لائحة “المتن القوي” بالتحالف مع حزب الطاشناق و”القومي” في المتن الشمالي. وتتألف اللائحة من آغوب بقرادونيان، الياس بو صعب، غسان مخيبر، ادكار معلوف، غسان الأشقر، كورين الأشقر، سركيس سركيس وابراهيم كنعان. وترجح استطلاعات الفغالي فوز العونيين بنائبين في هذه الدائرة اضافةً الى نائب الطاشناق.

دائرة جبل لبنان الثالثة:
يتعاون البرتقالي مع الثنائي الشيعي في بعبدا في وجه 3 لوائح أبرزها لائحة تحالف الكتائب وشخصيات مستقلة من جهة، ولائحة تحالف “القوات” والتقدمي من جهة أخرى. وتتألف اللائحة من حكمت ديب، آلان عون، ناجي غاريوس، علي عمار، فادي علامة وسهيل الأعور. ويرجح الفغالي “فوز الوطني الحرّ بنائب واحد في هذه الدائرة اضافةً الى نائبين شيعيين من اللائحة نفسها”.

دائرة جبل لبنان الرابعة:
يشكل العونيون ثلاثية انتخابية في الشوف – عاليه بالتحالف مع الحزب الديموقراطي اللبناني والقومي ضمن لائحة “ضمانة الجبل” التي تضم: طلال ارسلان، سيزار أبي خليل، الياس شديد، عماد الحاج، طارق الخطيب، علي الحاج، غسان عطاالله، مروان حلاوي، مازن بو درغم، سهيل بجاني، فريد البستاني، ماريو عون وسمير عون. وتواجه الثلاثية الأولى ثلاثية التقدمي – “القوات” – “المستقبل” و4 لوائح منافسة. وترجّح استطلاعات الرأي فوز نائبين عونيين في هذه الدائرة على الأقل.


 
دائرة الجنوب الأولى:
يتعاون “الوطني الحرّ” مع الجماعة الاسلامية في دائرة صيدا – جزين تحت مظلة لائحة “صيدا وجزين معاً” التي تضم زياد أسود، أمل أبو زيد، سليم خوري، عبد الرحمن البزري وسليم حمود. ويتنافسون مع 3 لوائح يشكلها “المستقبل” من جهة، وتحالف “القوات” والكتائب من جهة أخرى، اضافةً الى لائحة ثالثة مدعومة من الثنائي الشيعي. وترجح استطلاعات رأي مكتب الفغالي فوز اللائحة البرتقالية بنائب واحد فقط في هذه الدائرة.

دائرة الجنوب الثانية:
لا يخوض “الوطني الحرّ” معركةً انتخابية في هذه الدائرة التي يقتصر التمثيل المسيحي فيها على مقعد كاثوليكي واحد.

دائرة الجنوب الثالثة:
يتحالف العونيون مع “المستقبل” و”الديموقراطي” ضمن لائحة “الجنوب يستحق” من خلال المرشح عن المقعد الأرثوذكسي شادي مسعد. ويواجه البرتقالي لائحة “الأمل والوفاء” التي يشكلها الثنائي الشيعي اضافةً الى 4 لوائح أخرى. لكن امكان فوز البرتقالي، وفق الفغالي مستبعدة في هذه الدائرة.

دائرة البقاع الأولى:
يتحالف “الوطني الحرّ” مع “المستقبل” في زحلة ويشكلان لائحة “زحلة للكل” المؤلفة من سليم عون، نزار دلول، عاصم عراجي، ميشال ضاهر، ميشال السكاف، أسعد نكد وماري بيلازكجيان. وتتنافس اللائحة مع 4 لوائح، هي توالياً: “زحلة قضيتنا” يشكلها تحالف “القوات” والكتائب، “زحلة الخيار والقرار” يشكلها النائب نقولا فتوش ومدعومة من الثنائي الشيعي، لائحة “الكتلة الشعبية” ولائحة “كلنا وطني”. وتشير استطلاعات الفغالي الى فوز “الوطني الحرّ” بنائبٍ واحد على الأقل في هذه الدائرة.

دائرة البقاع الثانية:
يدعم “الوطني الحر” ترشيح النائب السابق ايلي الفرزلي في البقاع الغربي – راشيا عبر لائحة “الغد الأفضل” المحسوبة على فريق 8 آذار في وجه تحالف “المستقبل” – التقدمي ولائحة ثالثة يؤلفها مستقلون. ويرجّح الفغالي فوز الفرزلي في هذه الدائرة.


 
دائرة البقاع الثالثة:
يتعاون البرتقالي مع حزب البعث العربي الاشتراكي في بعلبك الهرمل من خلال لائحة “المستقلة”. ويرشح سندريللا مرهج عن المقعد الماروني وميشال ضاهر عن المقعد الكاثوليكي. وتنافس اللائحة تحالف “المستقبل” و”القوات” من جهة، وتحالف الثنائي الشيعي من جهة ثانية اضافةً الى لائحة ثالثة. ولا ترجّح استطلاعات الفغالي فوز أي نائب عوني في هذه الدائرة.

دائرة الشمال الأولى:
يتحالف “الوطني الحرّ” مع الجماعة الاسلامية في عكار مواجهاً تحالف “المستقبل” و”القوات”. ويرشح العونيون عبر لائحة “عكار القوية” جيمي جبور (ماروني) وأسعد درغام (ارثوذكسي). ويرجح الفغالي فوز أحد المرشحين العونيين في عكار، فيما حظوظ فوز درغام أقوى من جبور.

دائرة الشمال الثانية:
يتعاون العونيون في قضاء طرابلس مع كمال الخير والعلويين ويشكلون لائحة “قرار الشعب”. ويترشح عن المقعد الماروني منسق قضاء طرابلس في “التيار الوطني الحر” طوني ماروني ونسطاس الكوشاري عن المقعد الارثوذكسي. لكن الفغالي يستبعد امكان الفوز في هذه الدائرة.

دائرة الشمال الثالثة:
تشهد هذه الدائرة تحالفاً بين البرتقالي والأزرق بعد ضم النائب نقولا غصن الى لائحة الشمال القوي المؤلفة من جبران باسيل، نعمة ابراهيم، جورج عطالله، غريتا صعب، سعيد طوق، جورج بطرس، بيار رفول، جواد بولس وميشال معوض. وتتنافس اللائحة مع تحالف المردة – القومي – بطرس حرب الذين شكلوا لائحة “معا للشمال ولبنان”، ولائحة “نبض الجمهورية القوي” التي شكلها تحالف “القوات” والكتائب ولائحة “كلنا وطني”. ويرجّح الفغالي ان “يفوز العونيين بنائب واحد عن قضاء البترون اضافةً الى فوز مرشح “المستقبل” في الكورة عن اللائحة نفسها”.

في المحصلة يستنتج الفغالي ان “التيار الوطني الحرّ أخطأ في تحالفاته الانتخابية، على عكس ما فعلت القوات اللبنانية التي أصابت في تشكيل لوائحها. وكان لا بد للبرتقالي ان يشكّل لوائح منفردة عوضاً من التحالف مع هذا الكم من الأحزاب. ويرجح ان يفوز العونيون بنحو 18 نائباً في البرلمان”.