الضربات الجوية الإسرائيلية على مواقع لفصائل فلسطينية في قطاع غزة تتواتر والوضع مرشح لتصعيد أكبر في قادم الأيام
 

 يثير الوضع في قطاع غزة قلق الدوائر الإسرائيلية، على خلاف ما يحدث على الجبهة الشمالية حيث تبدو تل أبيب مرتاحة نسبيا لوجود قيادة صقورية في البيت الأبيض تتبنى بالكامل رؤيتها تجاه التهديدات الكامنة في تلك الجبهة ومستعدة لبذل جهد أكبر في وضع حد لها، وفي مقدمتها الوجود الإيراني.

وسجل في الفترة الأخيرة تواتر للضربات الجوية الإسرائيلية على مواقع لفصائل فلسطينية في قطاع غزة كان آخرها فجر الأحد، بعد أن قام شبان فلسيطينيون باختراق السياج الحدودي مساء السبت بالقرب من القرية التعاونية (كيبوتز) كيسوفيم، جنوب القطاع، وحرق إحدى الآليات، على حد قول صحيفة هآرتس الإسرائيلية.

وفي وقت لاحق ألقت طائرات إسرائيلية منشورات على المنطقة الحدودية الشرقية لقطاع غزة، تحذر من الاقتراب من الحدود.

ويبدو أن الوضع في القطاع مرشح لتصعيد أكبر في قادم الأيام مع إبداء الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتها حماس استعدادها للمواجهة، وهو ما كشفته المناورات العسكرية التي بدأتها بالأمس بمشاركة نحو ثلاثين ألفا من مقاتليها. وأفاد شهود عيان بأن الآلاف من مقاتلي القسام الملثمين وبالبزات العسكرية، انتشروا على المفترقات الرئيسية وفي المناطق القريبة من حدود قطاع غزة مع إسرائيل. وشوهدت بحوزة المقاتلين أسلحة أوتوماتيكية متنوعة مثل بنادق أم 16 وكلاشنيكوف وقاذفات آر بي جي، إضافة إلى العشرات من العربات العسكرية.

وقال عضو بارز في حماس إن هذه المناورة “تدريبية وتحاكي الدفاع أثناء العدوان والحروب وتظهر مدى جهوزية القسام والجبهة الداخلية”.

يشار إلى أن الفصائل الفلسطينية والهيئة الوطنية للاجئين الفلسطينيين تنظمان بمناسبة ذكرى “يوم الأرض” السنوية التي تصادف الجمعة القادم “مسيرة العودة الكبرى” حيث أعلنتا أنهما ستقيمان المئات من الخيام على بعد مئات الأمتار من الحدود الشرقية والشمالية للقطاع مع إسرائيل، وستقيم عائلات اللاجئين في هذه الخيام.

وتفرض إسرائيل حصارا شددته برا وجوا وبحرا قبل نحو عقد على قطاع غزة الفقير والذي يسكنه نحو مليوني نسمة قرابة ثلثيهم من اللاجئين الفلسطينيين.

ويرى مراقبون أن تعثر الجهود المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية واستمرار تضييق الخناق على القطاع الفقير قد يولدان حالة انفجار، وهذا ما تخشاه إسرائيل.

إفيغدور ليبرمان: الجبهة الجنوبية أكثر استعدادا وقدرة على تحمل أي مواجهة وحرب
إفيغدور ليبرمان: الجبهة الجنوبية أكثر استعدادا وقدرة على تحمل أي مواجهة وحرب

ويشير هؤلاء إلى أن معطى آخر يجعل من إسرائيل غير مطمئنة للوضع في الجبهة الجنوبية وهو تردي الوضع الصحي للرئيس محمود عباس، وما قد يخلفه الفراغ في السلطة من حالة فوضى نتيجة طموحات الكثير من المقربين منه لخلافته، وهذا طبعا لن يكون في صالح إسرائيل التي لطالما رأت في أبي مازن صمام أمان، رغم التوتر الحاصل بينهما. وفي عهد عباس ازداد حجم التنسيق الأمني بين الفلسطينيين وإسرائيل، وقد نجح عباس في تقليم الأصوات الداعية إلى خيار التصعيد، وتبني المسار السياسي الخيار الأوحد لمواجهة السياسة الإسرائيلية.

وأكد محمود إسماعيل، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأحد، أن الرئيس محمود عباس بصحة جيدة، نافيا صحة الأخبار التي تحدثت عن تدهور حالته الصحية. وقال إسماعيل إن أي “فحوص طبية أجراها أو سيجريها الرئيس عباس هي فحوص روتينية وطبيعية”.

وكان عباس وصل الجمعة إلى العاصمة الأردنية عمان، ومن المتوقع أن يجري فحوصات طبية فيها، ما زاد في حجم الشكوك بشأن صحته، خاصة وأنه قبل أشهر قليلة كان قد أجرى فحوصا بالولايات المتحدة.

ووفق وسائل إعلام إسرائيلية فإن تل أبيب تدرس جملة من السيناريوهات للتعاطي مع الجبهة الجنوبية الممثلة في قطاع غزة والضفة، ومن بينها مدى رجاحة شن عمل عسكري في هذا التوقيت.

وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي إفيغدور ليبرمان في مؤتمر نظمته صحيفة “يديعوت أحرونوت” بأن الجبهة الجنوبية القريبة من قطاع غزة أكثر استعدادا وقدرة على تحمل أي مواجهة وحرب، على عكس الجبهة الشمالية التي تشهد وضعا ليس مثاليا، حسب وصفه.

تصريحات ليبرمان تعكس واقع أن إسرائيل باتت تضع الوضع المتدهور في قطاع غزة في أعلى سلم أولوياتها، على خلاف الجبهة الشمالية التي ترى أنه صار بالإمكان معالجتها ضمن إطار دولي أشمل، بعد أن كانت تشعر أنها وحيدة في مواجهة تحدياتها وخاصة في ما يتعلق بالوجود الإيراني في سوريا ولبنان.

وقال ليبرمان بلغة الواثق الأحد “لن يكون هناك وجود عسكري إيراني في سوريا، ولن تكون هناك إيران نووية، فنحن لا نقول فقط، إننا نعني ما نقوله”.

وشهدت الإدارة الأميركية في الفترة الأخيرة تغييرات كبيرة، ساهمت في ارتقاء أسماء معروفة بنهجها الصدامي إلى سدة القرار في البيت الأبيض وكان آخرها جون بولتون الذي تولى مهمة مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض.

ومعلوم أن بولتون من أكثر المؤيدين لإسرائيل وأشد الرافضين للاتفاق النووي الإيراني ويتبنى منطق القوة في مواجهات طموحات إيران التوسعية في المنطقة، وبالتأكيد سيكون له عميق الأثر على صياغة سياسات البيت الأبيض إزاء التعاطي مع الوجود الإيراني في كل من سوريا ولبنان، وهذا طبعا يريح حكومة بنيامين نتنياهو.