المطلوب فلسطينيا في هذه اللحظة التاريخية المصيرية التعالي عن الجراح وفتح صفحة جديدة لإفشال صفقة القرن
 

 

كان لافتا جدا خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس منذ أيام ، حيث هاجم فيه كل من حركة حماس وأميركا عبر سفيرها في تل أبيب.

وإتهم عباس حركة حماس بأنها هي من تقف وراء محاولة إغتيال رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله ومدير المخابرات أثناء دخولهما قطاع غزة .

كما وصف عباس السفير الأميركي في تل أبيب دايفيد فيردمان ب " إبن الكلب " ردا على تصريحات سابقة للسفير أيّد فيها سياسات إسرائيل والإستيطان.

هذا الخطاب التصعيدي غير المسبوق وغير المعروف عن شخصية عباس أثار إستهجان الجميع حتى من داخل حركة فتح ، وتساءلوا عن الأسباب الحقيقية والدوافع التي جعلت أبو مازن  يتكلم بهذه النبرة العالية .

وقد أجمع جميع المحللين أن الخطاب التصعيدي في توقيته مرتبط بما بات يُعرف ب " صفقة القرن " لإنهاء القضية الفلسطينية ، والتي بدأت ملامحها بخطوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إليها .

وبحسب المعلومات المتداولة في الداخل الفلسطيني ، فإن لدى عباس معطيات عن محاولة لإقناع حماس بإقامة دويلة على أراضي قطاع غزة وبالتالي تتحول فلسطين إلى كيانين أو دولتين ، الأولى في رام الله والثانية في القطاع ، وهذه المحاولات تعمل عليها جهات عربية وإقليمية ودولية وهي مستعدة للإعتراف بهذا الواقع الجديد .

إقرأ أيضا : محمود عباس : سفير واشنطن لدى إسرائيل ابن كلب!

ولفعل ذلك ، كان لا بد من تكريس الإنقسام بين غزة ورام الله عبر ضرب المصالحة من خلال القيام بعملية الإغتيال هذه ، فتنخفض بالتالي أسهم المصالحة والوحدة بين المنطقتين وتتكرس أسس الدولتين .

لكن أوساط حماس تنفي هذه الإتهامات وتقول أن عباس هو من يحاول فعل ذلك من أجل تمرير صفقة القرن .

ما تقوله حماس يراه بعض المراقبين كلاما في الهواء فقط لعدة إعتبارات منها أن عباس في اللحظة التي إتخذ ترامب قراره فيها حول القدس قام بالتصعيد ضد أميركا ونعى دورها كوسيط في عملية المفاوضات .

وأيضا ، فإن حماس أمنيا وعسكريا هي المسيطرة على الأرض في غزة ومن المستحيل لأي فصيل أو جهة التحرك دون إذنها ، وبالتالي ترتفع أسهم الإتهامات نحوها بعملية الإغتيال.

لكن في جميع الأحوال ، يُدرك عباس وأيضا حماس أن الأمور تعقّدت بعد هذا الخطاب التصعيدي ومحاولة الإغتيال وعادت إلى مربعها الأول .

ولو إفترضنا أن كل طرف لا ينوي المضي بصفقة القرن ، فإن ما حصل كافي لإعطاء دفع قوي لهذه الصفقة بعد فشل المصالحة الوطنية وتضعضع جبهة الرفض لها .

والمطلوب فلسطينيا في هذه اللحظة التاريخية المصيرية التعالي عن الجراح وفتح صفحة جديدة لإفشال هذه الصفقة ، وإلا فإن الأمور متجهة نحو تمريرها بكل هدوء .