هذا هو المشهد الإنتخابي في البلد والذي تغيب عنه البرامج والمشاريع الإنمائية والنهضوية من أجندة مختلف الأطراف والقوى السياسية والحزبية
 

وانطلق قطار الإنتخابات النيابية أخيرًا يمخر عباب الزمن اللبناني بعجلات متثاقلة عوجاء تسير في طرقات متعرجة مليئة بالمطبات وتغطي مساحة الوطن، فارتفعت الأعلام المتنافرة ومن كل الألوان وملأت اليافطات الشوارع والتي تحمل الشعارات والعبارات والرموز التي تنبىء باصحابها من الأحزاب والتيارات السياسية وأقيمت المهرجانات والاحتفالات للإعلان عن أسماء اللوائح والمرشحين وبدأت الجولات الانتخابية بالمواكب السيارة لزيارة أصحاب الشأن والزعامات المحلية والتقليدية وذوي الحظوة والوجهاء. وبدأ سباق الطامحين للمقاعد النيابية بتلبية الدعوات وحضور مناسبات الأفراح والأتراح وخاصة تلك التي يتخللها الموائد العامرة بما لذا وطاب من الطعام والشراب، ورفرفت صور المرشحين في سماء كافة البلدات والقرى والأحياء والزواريب وغزت الماكينات الانتخابية البيوت تحث الناس لتحضير الاوراق الثبوتية كي تؤمن لهم البطاقات التي تخولهم القيام بواجبهم الإنتخابي وإنجاز عملية الاقتراع بنجاح بعد إطلاق الوعود بتقديم الخدمات الخاصة من وظائف أو تزفيت طريق فرعي أو شراء محول كهربائي لحي من الأحياء الفقيرة إلى ما هنالك من الخدمات العابرة ولكن بالحدود الممكنة وذلك فور الإنتهاء من الإستحقاق الإنتخابي وإعلان النتائج، ومضافًا إلى ما تقدم ما يحتاجه المقترع من تشريجة لهاتفه الخليوي وبون بنزين لسيارته او تأمين وسيلة نقل تسهل له الوصول إلى قلم الإقتراع.

إقرأ أيضًا: إسقاط المبادىء طمعا بمقعد نيابي
فهذا هو المشهد الإنتخابي في البلد والذي تغيب عنه البرامج والمشاريع الإنمائية والنهضوية من أجندة مختلف الأطراف والقوى السياسية والحزبية التي تخوض غمار هذا الاستحقاق المفصلي والذي من المفترض أن يكون محطة لمحاسبة المقصرين والفاشلين  ودافعا وحافزا لإختيار أصحاب الخبرة والاختصاص وذوي الكفاءة والمشهود لهم بالأمانة والمصداقية والشفافية. 
والتنافس بين اللوائح الانتخابية والمرشحين لا يرتكز أساسا على ما قدمه كل فريق من إنجازات ولا على الخدمات التي قدمها للبلد وإعطاء الوعود بإنجاز ما تبقى ولا على النهوض بالبلد إلى مصاف البلدان الراقية والمتطورة - لأنه لم يقدم أي خدمات او إنجازات أصلا - ولا على تخفيض الدين المترتب على البلد ولا على الحد من الفساد والسرقة وهدر المال العام ولا على تأمين الخدمات للمواطن من ماء وكهرباء واستشفاء واتصالات وتحسين شبكة المواصلات ولا على العيش بحرية وكرامة ولا على توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة للمواطن وإنما التنافس يعتمد على أساسًا على تسليط الاضواء على أخطاء الآخرين وتقصير اللوائح المنافسة واستهتارهم ومساوئهم وللإشارة فإن جلهم إن لم نقل كلهم من أصحاب السوابق في الصفقات والسمسرات والسرقات واستغلال المناصب لجمع الثروات إلا ما رحم ربي من أصحاب الأيادي النظيفة ولكن مع ذلك فإن هؤلاء يسجل عليهم أنهم شهود زور على استشراء الفساد في كافة مفاصل السلطة على مرأى ومسمع منهم دون أن يحركوا ساكنًا. 

إقرأ أيضَا: الحرب الإعلامية لحزب الله ضد منافسيه في الإنتخابات النيابية
والأنكى من كل ذلك فإنه في القانون الجديد والذي اعتمد في جانب منه النسبية، فبدا وكان هناك فرصة متاحة لوصول وجوه جديدة إلى الندوة البرلمانية وقادرة على التغيير باختراقها لوائح القوى المتسلطة على رقاب البلاد والعباد منذ عشرات السنوات، إلا أن الملاحظ أن هناك سعيا دؤوبا من قبل هذه القوى لإقامة التحالفات فيما بينها رغم ما يفرقهما من تناقضات واختلافات ونزاعات لقطع الطريق على أي إمكانية لتغيير واقع البلد الفاسد وللحؤول دون الانتقال به نحو الأفضل والاحسن والعمل على إفراغ هذا القانون الجديد من ايجابياته.
ما يعني أن واقع لبنان وعلى المدى المنظور "فالج لا تعالج".